وقلم من أقلام الجنّة فسلّم عليه وقال له ان الله يقرأ عليك السلام ويقول لك قد آن لحبيبي محمّد أن ينتقل إلى الأصلاب والأرحام الطاهرة وهذه حريرة بيضاء وقلم لك من الجنّة تشهد لك بغير كتاب فاكتب على ابنك شيث كتابا بالعهد والامانة بشهادة هؤلاء الملائكة.
وطوى الحريرة طيّا شديدا وختمها بخاتم جبرئيل عليه السّلام وكسا (شيئا) حلتين حمراوين أضوأ من نور الشمس وفي رقة لجج الماء وزوجه الله قبل أن تزول الملائكة بحوراء اهبطها له من الجنّة تسمى (نزله) فحملت ب (أنوش) فلما حملت به سمعت الأصوات من كلّ مكان «هنيئا هنيئا لك ابشري فقد أودعك الله نور محمّد المصطفى» ، وضرب لها حجابا من النور عن أعين الناس ومكايد الشيطان (لعنه الله).
وكان إبليس لا يتوجّه في وجه من الأرض إلّا نظر الى ذلك الحجاب مضروبا عليه فلم يزل كذلك حتى وضعت (أنوش) فلما وضعته نظرت الحوراء «نزله» الى نور رسول الله صلّى الله عليه وآله بين عينيه فلما ترعرع دعاه أبوه شيث فقال له : يا أبتي أمرني ربّي أن أتخذ عليك عهدا وميثاقا ، ألا تتزوج إلّا بأطهر نساء العالمين.
فحمد الله وقبل وصيته.
وأوصى انوش الى ابنه «قينان» بمثل ذلك من وصيّة آبائه عليهم السّلام.
وأوصى قينان الى ابنه «مهائيل» وأوصى مهائيل ابنه «بردا» فتزوج بردا امرأة يقال لها «برة» فحملت ب «أخنوخ» وهو إدريس ، فلما ولد إدريس نظر أبوه الى النور يلوح بين عينيه فقال : يا بني أوصيك بهذا النور كلّ الوصاية ، فقبل وصيّته وتزوّج امرأة يقال لها «بزرعا» فولدت له «متوشلخ».
وولد لمتوشلخ لمك ، كان لمك رجلا أشقر قد أعطي قوّة وبطشا فتزوج امرأة يقال لها «قنسوس» بنت «تركاسل» فولدت له نوحا وتحول إليه نور رسول الله صلّى الله عليه وآله فلما نظر الى النور في وجهه قال : يا بني ان هذا النور هو النور الذي تتوارثه الأنبياء عليهم السّلام وهو نور المصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله ينتقل بالعهود والمواثيق الى يوم خروجه واني آخذ عليك عهدا وميثاقا ألا تتزوّج إلّا بأطهر نساء العالمين.