رأسه ووضعه في مخلاته ، فروي ان طالوت استخلفه في مجلس القضاء والفقه فكان يحكم بين الناس فلما حضرت طالوت الوفاة أوحى الله إليه أن يسلّم ما في يده من المواريث والعلوم الى (الياس) وداود عليهما السّلام وروي انّه أمر بتسليم ذلك إلى داود عليه السّلام فسلّم طالوت نور الله وحكمته وجميع ما في يديه الى داود عليه السّلام.
فقام داود صلّى الله عليه بأمر الله بعد طالوت واجتمعت بنو اسرائيل على داود ، وأنزل الله جل ذكره عليه الزبور ، وعلّمه صنعة الحديد ، وليّن الحديد في يديه ، وأمر الجبال والطير أن يسبّحن معه وأعطي صوتا لم يعطه أحد من الأنبياء قبله ، وأعطي النور والحكمة والتوراة وزاده الله الزبور وأقام في بني اسرائيل مستخفيا وأعطي القوة في العبادة ثم انّه سأل ربّه أن يجعله رابع أربعة من ولد اسرائيل يدعى بآلهه كما كان يدعى ابراهيم واسحاق ويعقوب حتى يقال وإلهه داود فأوحى الله إليه ان أولئك ابتليتهم فصبروا. فقال : يا رب ابتلني. فأوحى الله عز وجل إليه اني مبتليك في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا في ساعة كذا. فلما كان في ذلك اليوم تخلى داود في محرابه وكان يدعو على الخاطئين وكان أمره ما قصّ الله به من حديث الطائر والمرأة والملكين فأتاه جبرئيل فقال له : ان أردت أن يتوب الله عليك فاسأله بحق محمد وآل محمّد فبذلك سأل آدم ربّه وبذلك سأل ابراهيم حين ألقي في النار وبذلك سأل الأنبياء ربّهم. فقال : اللهم بحق محمّد وآل محمّد. فأجابه وتاب عليه فكان بعد ذلك يبتدئ بالدعاء للخاطئين (وروي) انّه كان في محرابه إذ مرّت به دودة تدبّ حتى انتهت الى موضع سجوده فنظر إليها فوجد في نفسه ، ثم قال : يا ربّ لم خلقت هذه؟ فأوحى الله إليها أن تكلّمه ، فقالت له : أنا على صغري وتهاونك بي أكثر لذكر الله منك يا داود. هل سمعت حسي أو تبينت أثري؟ فقال لها : لا. قالت : فان الله ليسمع دبيبي ونفسي وحسّي ويرى شخصي فاخفض من صوتك. وكان داود يكثر من الدعاء بأن يلهمه الله القضاء بين الناس بما هو عنده الحق فأوحى الله إليه ان الناس لا يحملون ذلك. فعاود في الدعاء فأوحى الله إليه اني سأفعل. فارتفع إليه رجلان استعدى أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم الى المستعدى فيضرب