« وأمّا العصمة عند الحكماء ... ـ إلى قوله : ـ فإنّ الصفات النفسانية » (١).
كما إنّه أخذ منهما قوله : « إنّ الأنبياء مكلّفون بترك الذنوب ... ـ إلى قوله : ـ فلا يمتنع صدور الذنب عنهم كما في سائر البشر » (٢).
وقد ذكرا هذا الكلام ردّا على من زعم أنّ العصمة خاصّية في نفس الشخص أو في بدنه ، يمتنع بسببها صدور الذنب عنهم ، لكنّ الخصم سرق هذا الكلام ووضعه في غير محلّه ؛ لأنّا لا ندّعي امتناع صدور الذنب عن الأنبياء ، بل ندّعي أنّهم لا يذنبون أصلا مع وجود القدرة لهم على الذنب.
وأمّا ما ذكره من أنّ قصّة سورة النجم لم تذكر في الصحاح ، فلا يبعد صدقه فيه ، لكنّهم صحّحوا طريقين أو ثلاثة لها (٣) ، واستفاضت طرقهم لها ، وذكرها عامّة مفسّريهم ومؤرّخيهم ، واعتبرها الكثير من علمائهم (٤) ..
قال السيوطي في « لباب النقول » عند قوله تعالى : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ ) الآية من سورة الحجّ (٥) :
« أخرج ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق بسند صحيح ، عن سعيد بن جبير ، قال : قرأ النبيّ بمكّة النجم ، فلمّا بلغ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) (٦) ألقى الشيطان على
__________________
(١) المواقف : ٣٦٦ ، شرح المواقف ٨ / ٢٨١.
(٢) المواقف : ٣٦٦ ، شرح المواقف ٨ / ٢٨١.
(٣) رواه البزّار والطبراني ، ورجالهما رجال الصحيح ، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ١١٥ ، وأخرجه ابن مردويه والضياء في « المختارة » بسند رجاله ثقات ، كما في الدرّ المنثور ٦ / ٦٥ وصحّح ثلاث طرق أخرى من ص ٦٥ ـ ٦٨.
(٤) راجع في ذلك الصفحة ١٨ ه ٢ من هذا الجزء.
(٥) سورة الحجّ ٢٢ : ٥٢.
(٦) سورة النجم ٥٣ : ١٩ و ٢٠.