وهل اختلف رجل واحد من زمان الصحابة إلى اليوم من أرباب التواريخ أنّ أبا بكر لم يفارق السقيفة حتّى بايعه جميع الأنصار ، إلّا سعد بن عبادة (١) ، وهو كان مريضا ، ومات بعد سبعة أيّام (٢)؟! فكيف يقول : إنّ خلافته انعقدت ببيعة عمر ورضا أربعة من الصحابة؟!
وهل هذا إلّا افتراء باطل يكذّبه جميع التواريخ المثبّتة في الإسلام؟!
نعم ، البادئ بالبيعة كان عمر بن الخطّاب ، وتتابع الأنصار وبايعوه بعد تلجلج وتردّد ومباحثة.
ولو كان الأنصار سمعوا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم النصّ على خلافة عليّ ، فلم لم يجعلوه حجّة على أبي بكر ، ولم لم يدفعوا خلافته بهذه الحجّة؟!
أكانوا يخافون من أبي بكر وعمر وهم كانوا في عقر دارهم وقد اجتمعوا لنصب الإمام من قومهم وكانوا زهاء ألف أو زيادة؟! ..
__________________
(١) هذا ادّعاء باطل ، فهناك عدد كبير من أكابر الصحابة لم يبايعوا أبا بكر ، منهم :
أبيّ بن كعب ، فروة بن عمرو بن ودقة الأنصاري البياضي ـ وكان ممّن جاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهد العقبة وبدرا وما بعدها من المشاهد ـ ، أبان وخالد وعمرو أبناء سعيد بن العاص ، البراء بن عازب ، أبو ذرّ الغفاري ، سلمان الفارسي ، عمّار ابن ياسر ، المقداد بن عمرو ، الزبير بن العوّام ، بريدة الأسلمي ، خزيمة بن ثابت ، ابن التيّهان ، سهل وعثمان ابنا حنيف ، حذيفة بن اليمان ، أبو أيّوب الأنصاري ، أبو سفيان بن حرب الأموي ، مالك ومتمّم ابنا نويرة وقومهما ، علاوة على سعد بن عبادة ورهطه ، وطائفة من الخزرج ، وفرقة من قريش ؛ انظر : الاستيعاب ٣ / ٩٧٣ ، روضة المناظر ـ لابن الشحنة ـ ١١ / ١١٢ ـ ١١٣.
وقبل كلّ هؤلاء الإمام عليّ عليهالسلام والعبّاس وبنو هاشم ؛ انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ / ٩ ، الأخبار الموفّقيّات : ٤٧١.
(٢) بل اتّفاق أهل العلم والمؤرّخين على أنّه قتل في إمارة عمر ، بحوران من أعمال دمشق ، وسيأتي بيان المصنّف قدسسره بصدد ذلك في الصفحة ٢٦٥ منهذا الجزء.