ورووا أنّ ما بعد الثلاثين سنة ملك عضوض لا خلافة (١).
ولو سلّم أنّهم يشترطونها واقعا ، فأكثرها لاغ ، إمّا لعدم اعتباره ، أو لعدم كفايته في الإمام.
فمن الأوّل : البلوغ ، فإنّ الحقّ عدم اعتباره ، إذ ليست الإمامة بأعظم من النبوّة ، وقد أرسل الله عيسى ونبّأ يحيى طفلين ، لكن لمّا جعلوا الإمامة بالاختيار كان لاشتراطهم البلوغ وجه.
ومن الثاني : العدالة ، لما عرفت من عدم كفايتها عن العصمة ، وكذا الشجاعة ، والعقل ، والبصارة في تدبير الحرب والسلم ، لما سيأتي في المبحث الآتي من اعتبار أفضليّة الإمام في جميع صفات الكمال ، فلا بدّ أن يكون أشجع الناس وأعقلهم وأبصرهم في الأمور ، ولا يكفي ثبوت أصل الشجاعة والعقل والبصارة فقط.
وكذا الاجتهاد ، ضرورة أنّه لا يكفي في النيابة عن الرسول ، بل لا بدّ أن يكون عالما بجميع أحكام الشريعة علما يقينيّا ؛ لأنّ الله سبحانه قد بلّغ نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أحكاما أتمّها وأجراها على أمّته إلى يوم الدين ، ولا شكّ أنّ الاجتهاد لا يوصل إليها دائما ، لوقوع الخطأ فيه ..
فلا يمكن أن لا يجعل الله لنا إماما عالما بجميع الأحكام ويحيلنا على من لا طريق له إلّا الظنّ ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا.
__________________
(١) انظر : سنن أبي داود ٤ / ٢١٠ ح ٤٦٤٦ و ٤٦٤٧ ، سنن الترمذي ٤ / ٤٣٦ ح ٢٢٢٦ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٧ ح ٨١٥٥ ، مسند أحمد ٥ / ٢٢١ ، مسند أبي يعلى ٢ / ١٧٧ ح ٨٧٣ ، المعجم الكبير ١ / ٥٥ ح ١٣ وص ٨٩ ح ١٣٦ وج ٧ / ٨٣ ـ ٨٤ ح ٦٤٤٢ ـ ٦٤٤٤ ، مشكل الآثار ٤ / ٢١٥ ح ٣٦٥٧ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧٥ ح ٤٤٣٨ وص ١٥٦ ح ٤٦٩٧ ، تخريج أحاديث العقائد النسفية ـ للسيوطي ـ : ٢٣١.