فما نسبه المصنّف إليهم من جواز إمامة السرّاق والفسّاق صحيح ألبتّة ، ولا سيّما انعقاد البيعة ، وهو الذي يقتضيه إنكار الحسن والقبح العقليّين ، كما اقتضى أيضا نفي وجوب أن يكون الإمام أفضل من رعيّته ، كما ستعرف.
ويصدّق ذلك ـ بحيث لا يبقى به ريب أصلا ـ أخبارهم الصحيحة عندهم ، التي عليها المعوّل بينهم ، الآمرة بالسماع والطاعة لسلاطين الجور والضلالة ، وقد سبق بعضها في صدر المبحث (١) ..
التي منها : ما رواه مسلم ، عن ابن عمر ، أنّه قال بعد حادثة الحرّة ، وفعل يزيد فيها الأفعال الشنيعة :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجّة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهليّة » (٢).
ومنها : ما رواه البخاري ، في الباب الثاني من ( كتاب الفتن ) ، ومسلم ، في باب وجوب طاعة الأمراء من ( كتاب الإمارة ) ، عن عبادة بن الصامت ، قال : « دعانا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فبايعناه ، فكان في ما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة ، ولا ننازع الأمر أهله ، إلّا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان » (٣).
__________________
(١) راجع الصفحتين ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٢) صحيح مسلم ٦ / ٢٢.
(٣) صحيح البخاري ٩ / ٨٥ ح ٧ ، صحيح مسلم ٦ / ١٧ ، وانظر : سنن النسائي ٧ / ١٣٨ ـ ١٣٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٤ / ٤٢١ ـ ٤٢٢ ح ٧٧٧٠ ـ ٧٧٧٦ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٥٧ ح ٢٨٦٦ ، الموطّأ : ٣٩٢ ح ٥ ، مسند أحمد ٥ / ٣١٤ _