مِنْكُمْ ) (١) ، فإنّه تعالى أوجب طاعة أولي الأمر على الإطلاق كطاعته وطاعة الرسول ، وهو لا يتمّ إلّا بعصمة أولي الأمر ، فإنّ غير المعصوم قد يأمر بمعصية وتحرم طاعته فيها ، فلو وجبت أيضا اجتمع الضدّان ، وجوب طاعته وحرمتها.
ولا يصحّ حمل الآية على إيجاب الطاعة له في خصوص الطاعات ، إذ ـ مع منافاته لإطلاقها ـ لا يجامع ظاهرها من إفادة تعظيم الرسول وأولي الأمر بمساواتهم لله تعالى في وجوب الطاعة ، إذ يقبح تعظيم العاصي ، ولا سيّما المنغمس بأنواع الفواحش.
على أنّ وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خوّاص الرسول وأولي الأمر ، بل تجب طاعة كلّ آمر بالمعروف ، فلا بدّ أن يكون المراد بالآية بيان عصمة الرسول وأولي الأمر ، وأنّهم لا يأمرون ولا ينهون إلّا بحقّ.
وقد أقرّ الرازي في تفسيره بدلالة الآية على عصمة أولي الأمر ، لكنّه زعم أنّ المراد بهم أهل الإجماع (٢)!
وفيه ـ مع أنّ المنصرف من أولي الأمر من له الزعامة ـ : إنّ ظاهر الآية إفادة عصمة كلّ واحد منهم لا مجموعهم ؛ لأنّ ظاهرها إيجاب طاعة كلّ واحد منهم ، على أنّ العمل بمقتضى الإجماع ليس من باب الطاعة لهم ؛ لأنّ الإجماع من قبيل الخبر الحاكي.
وأشكل الرازي على إرادة أئمّتنا الأطهار من أولي الأمر بأمور :
* [ الأمر ] الأوّل : إنّ طاعة الأئمّة المعصومين مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم ، فلو وجب علينا طاعتهم قبل معرفتهم كان هذا
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.
(٢) تفسير الفخر الرازي ١٠ / ١٤٩.