الأمّة من أوّل الأمر بإمام فاسق ، فلا يحصل محلّ الحاجة إلى الإمام ولو بالنسبة إلى نفسه ، فيجب نصب إمام آخر على جميع الوجوه ، لئلّا تفوت الفوائد المطلوبة ويتسلسل.
وأمّا دعوى أنّ الخطأ ربّما لا يقع ، فخلاف المقطوع به عادة ، ولا ينكر المخالفون خطأ أئمّتهم الثلاثة الأول ، فضلا عن غيرهم ، ولو سلّم عدم القطع به ، فمع فرض إمكانه عادة يجب نصب إمام آخر يحترز به عن الخطأ المتوقّع ، لئلّا تفوت تلك الفوائد التي لا تتدارك مع الخطأ ، ولو تسامحنا فيها لما وجب نصب الإمام لأجلها.
قولكم : ولو وقع نبّهه من يرفع خطأه.
قلنا : إذا فات محلّ التدارك لم يبق محلّ للتنبيه ، وكذا لو لم يحضر من يصلح للتنبيه أو لم يصوّب الإمام رأيه ، فلا بدّ من إمام آخر ويتسلسل.
* الثالث : إنّ الإمام لو عصى لوجب الإنكار عليه والإيذاء له من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو مفوّت للغرض من نصبه ، ومضادّ لوجوب طاعته وتعظيمه على الإطلاق المستفاد من قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) كما ستعرف.
* الرابع : إنّه لو صدرت المعصية منه لسقط محلّه من القلوب ، فلا تنقاد لطاعته ، فتنتفي فائدة النصب.
* الخامس : إنّه لو عصى لكان أدون حالا من أقلّ آحاد الأمّة ؛ لأنّ أصغر الصغائر من أعلى الأمّة وأولاها بمعرفة مناقب الطاعات ومثالب المعاصي ، أقبح وأعظم من أكبر الكبائر من أدنى الأمّة.
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.