ونسبوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السهو في القرآن بما يوجب الكفر .. فقالوا : إنّه صلّى يوما وقرأ في سورة النجم عند قوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) (١) « تلك الغرانيق العلى ، منها الشفاعة ترتجى » (٢).
وهذا اعتراف منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ تلك الأصنام ترتجى الشفاعة منها.
نعوذ بالله من هذه المقالة التي نسب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إليها ، وهي توجب الشرك.
فما عذرهم عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد قتل جماعة كثيرة من أهله وأقاربه على عبادة الأصنام ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، وينسب إليه هذا القول الموجب للكفر والشرك وهو في مقام إرشاد العالم؟!
وهل هذا إلّا أبلغ أنواع الضلال؟!
وكيف يجامع هذا قوله تعالى : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٣)؟!
وهل أبلغ من هذه الحجّة ، وهي أن يقول العبد : إنّك أرسلت رسولا
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ١٩ و ٢٠.
(٢) انظر مثلا : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ١ / ١٦٠ ، المعجم الكبير ٩ / ٣٤ ح ٨٣١٦ وج ١٢ / ٤٢ ح ١٢٤٥٠ ، تأويل مختلف الحديث ـ لابن قتيبة ـ : ١٦٧ ، تاريخ الطبري ١ / ٥٥١ ـ ٥٥٢ ، تفسير الطبري ٩ / ١٧٤ ـ ١٧٧ ح ٢٥٣٢٧ ـ ٢٥٣٣٥ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ، تفسير الماوردي ٥ / ٣٩٨ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٢ / ٢٨٦ ، أسباب النزول : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، زاد المسير ٥ / ٣٢٢ ، شرح المقاصد ٥ / ٥٩ ، مجمع الزوائد ٧ / ٧١ و ١١٥ ، شرح المواقف ٨ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، الدرّ المنثور ٦ / ٦٥ ـ ٦٩ عن عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، والبزّار ، وابن مردويه ، والضياء في « المختارة » ، وسعيد بن منصور.
(٣) سورة النساء ٤ : ١٦٥.