فقال : ما هذه الأصوات؟!
قالوا : النخل يؤبّرونه (١).
فقال : لو لم يفعلوا لصلح ـ وفي رواية : كان خيرا ـ!
فلم يؤبّروا عامئذ ، فصار شيصا (٢) ، فذكروا ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : إذا كان شيئا من أمر دنياكم فشأنكم به ، وإذا كان شيئا من أمر دينكم فإليّ ».
فليت شعري كيف لا يعلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ النخل لا يصلح بغير تأبير وهو في محلّ النخل فعلا ، وفي قربه سابقا ، وقد قارب عمره الستّين أو تجاوز؟!.
ولو فرض أنّه لا يعلم ، كيف يقول : « لو لم يؤبّروا لصلح ـ أو : كان خيرا ـ »؟! فيكذب ـ حاشاه ـ من غير رويّة ، ويرسل من غير سدد!
وهل يوثق به بعد هذا أو يسترشد برأيه في الأمور العامة ومصادر الزعامة؟!
ولو نسب هذا إلى أحد لكان مسخرة لمن سمع ، وأعجوبة لمن عقل ، فكيف ينسب إلى سيّد النبيّين ، العالم بأسرار الأشياء ، المعلّم من ربّ الأرض والسماء ، الذي لا ينطق إلّا عن وحي ، ولم يعط مثله أحد جوامع الكلم؟!
__________________
(١) أبر وأبّر النخل : لقّحه ، ونخلة مؤبّرة ومأبورة ؛ انظر : لسان العرب ١ / ٤٢ مادّة « أبر ».
(٢) الشّيص : رديء التمر ، والتمر الذي لا يشتدّ نواه ويقوى وقد لا يكون له نوى أصلا ، وإنما يشيّص إذا لم يلقح ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٢٥٦ مادّة « شيص ».