صادق » ..
فهذا شيء تثبته الأشاعرة ويستدلّون عليه بالدلائل الحقّة الصريحة ، ولا يلزم من خلق الله القبائح ـ التي ليست بقبيحة بالنسبة إليه ـ أن يكون كلّ مدّع للنبوّة ـ سواء كان محقّا أو مبطلا ـ دعواه من الله.
وماذا يريد من أنّ دعوى المحقّ والمبطل من الله؟!
إن أراد أنّه من خلق الله ، فلا كلام في هذا ؛ لأنّ كلّ فعل يخلقه الله.
وإن أراد أنّه مرضيّ من الله ، والله يرسل المحقّ والمبطل ، فهذا باطل صريح ، فإنّ الله لا يرضى لعباده الكفر والضلال وإن كان بخلقه وتقديره كما سمعت مرارا.
وكلّ من يدّعي النبوّة ، وهو مبعوث من الله ، فقد جرت عادة الله على إظهار المعجزة بيده لتصديقه ، ولم تتخلّف عادة الله عن هذا ، وجرت عادته ـ التي خلافها جار مجرى المحال العادي ـ بعدم إظهار المعجزة على يد الكاذب.
والحاصل : إنّ الأشاعرة يقولون بعدم وجوب شيء على الله ؛ لأنّه المالك المطلق ولا يجب عليه شيء (١).
وما ذكره من أنّه كيف يعرف أنّ هذا الذي صدّقه صادق في دعواه؟
فنقول : بتصديق المعجزة يعرف هذا.
قوله : « يجوز أن يظهر المعجزة على يد الكاذب ».
قلنا : ماذا تريدون من هذا الجواز؟! الإمكان العقليّ ، فنقول : يمكن
__________________
(١) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٩٥ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٩٤ ، شرح المواقف ٨ / ١٩٥ ـ ١٩٦.