روحي ويسوقوني إلى الجنّة ، ثم أغمي (١) عليه ، فرأيته كأنه يصافح قوما ويقول : مرحبا ، مرحبا ، مرحبا ، أتيتكم ، قال : فقضى (٢) ، فرأيته في المنام بعد ذلك ، حوله زحام كزحامنا على خيل بلق عليهم ثياب بياض ، وهو ينادي : يا سعد بين رامح ومطعون ، الحمد لله الذي أورثنا الجنّة ، نتبوّأ منها حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين ، قال : فانتبهت وأهلي ينادوني :
الصلاة ، فندمت ألّا تركوني فأسرّ برؤيتي إيّاهم فوق الذي سررت.
وقد رويت تعزية النبي صلىاللهعليهوسلم لمعاذ من وجهين آخرين.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن سلامة بن عبيد الله القاضي ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد ابن الحسن بن ماجة الأبهري ، أنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن المرزبان ، نا أبو جعفر محمّد ابن إبراهيم بن يحيى بن الحكم الحزوري ، نا أبو عمر الدوري حفص بن عمر الأزدي (٣) ، نا عبد الله بن عبد الرّحمن ، عن محمّد بن سعد ، عن عبادة بن نسيّ ، عن عبد الرّحمن بن غنم (٤) قال :
أصيب معاذ بولد ، فاشتدّ جزعه ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكتب إليه :
«من محمّد رسول الله ، إلى معاذ بن جبل ، سلام عليك ، فإنّي أحمد الله إليك الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد ، فعظّم الله لك الأجر ، وألهمك الصبر ، ورزقنا وإيّاك الشكر ، ثم إن أنفسنا وأهالينا وأموالنا وأولادنا من مواهب الله الهنيّة وعواريه المستودعة ، يمتع بها إلى أجل معدود ، وتقبض لوقت معلوم ، ثم افترض علينا الشكر إذا أعطى ، والصبر إذا ابتلى ، وكان ابنك من مواهب الله الهنية وعواريه المستودعة ، متّعك الله به في غبطة وسرور ، وقبضه منك بأجر الصلاة والرحمة والهدى ، إن صبرت واحتسبت ، فلا تجمعنّ يا معاذ خصلتين : أن يحبط جزعك أجرك فتندم على ما فاتك ، فلو قدمت على ثواب مصيبتك قد أطعت ربك وتنجّزت موعده عرفت أن المصيبة قد قصّرت عنه ، واعلم يا معاذ أنّ الجزع لا يردّ ميتا ولا يدفع حزنا ، فأحسن العزاء وتنجّز الموعدة ، وليذهب أسفك بما هو نازل بك. فكأن قد ، والسلام» [١٢٢٠١].
وأخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن محمّد ، أنا علي بن الحسن بن الحسين ،
__________________
(١) غير مقروءة ، بالأصل ، واستدركت اللفظة عن هامشه.
(٢) في «ز» : فقبض.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٤١.
(٤) الخبر والكتاب في حلية الأولياء ١ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.