صلوات الله وسلامه عليه كان في الأرض وليس بها علم ، فآتاه الله علما ، فإن أنا متّ فاطلب العلم عند أربعة ، عند : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وعويمر أبي الدّرداء.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر ، أنا أحمد ، نا الحسين ، نا ابن سعد (١) ، أنا حمّاد بن عمرو النصيبي ، نا زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني قال :
كان رجل يقال له يزيد بن عميرة السكسكي ، وكان تلميذا لمعاذ بن جبل ، فحدّث أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قعد يزيد عند رأسه يبكي ، فنظر إليه معاذ فقال : ما يبكيك؟ فقال له يزيد : أما والله ما أبكي لدنيا كنت أصيبها منك ، ولكني أبكي لما فاتني من العلم ، فقال له معاذ : إن العلم كما هو لم يذهب ، فاطلب العلم بعدي عند أربعة ، عند : عبد الله بن مسعود ، وعند عبد الله بن سلام الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هو عاشر عشرة في الجنّة» [١٢١٩٩] ، وعند عمر ، ولكن عمر شغل عنكم ، وعند سلمان الفارسي ، قال : وقبض معاذ ، ولحق يزيد بالكوفة ، فأتى مجلس عبد الله بن مسعود ، فلقيه فقال له ابن مسعود : إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، فقال أصحابه : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فقال ابن مسعود : إنّ معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين.
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك الفرّاء ، أنا أبو محمّد عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن عبدان ، أنا عبد الوهّاب الكلابي ، أنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي ، نا محمّد بن إبراهيم المصيصي ، نا مجّاعة بن ثابت البغدادي ، نا ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن عتبة بن حميد (٢) الطويل عن عبادة بن نسيّ ، عن عبد الرّحمن بن غنم الأشعري قال :
حضرت معاذ بن جبل وهو عند رأس ابن له يجود بنفسه ، فما ملكنا أن ذرفت أعيننا أو انتحب بعضنا ، فحرد معاذ وقال : مه ، والله ليعلم رضاي بهذا أحبّ إليّ من كلّ غزاة غزوتها
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
(٢) في «ز» : حشد.