أن أبا عبيدة بن الجرّاح لما أصيب استخلف معاذ بن جبل وذاك ـ يعني ـ في طاعون عمواس (١) اشتد الوجع فصرخ الناس إلى معاذ : ادع الله أن يرفع عنّا هذا الرجز ، قال معاذ (٢) : إنه ليس برجز ولكنها دعوة نبيّكم وموت الصالحين قبلكم ، وشهادة يخص الله من شاء (٣) منكم ، أيها الناس أربع خلال من استطاع أن لا يدركهن ، قالوا : وما هي؟ قال : يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويأتي زمان يقول الرجل : والله ما أدري ما أنا ، لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة ، ويأتي زمان يصبح الرجل على دين ويمسي على دين آخر ، ويأتي على الناس زمان يعطى الرجل المال من مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله عليه.
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن ، عن إبراهيم بن عمر ، أنا محمّد بن العباس ، نا أبو الحسن بن معروف ، نا الحسين بن محمّد ، نا ابن سعد (٤) ، أنا عبيد الله بن موسى ، أنا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع قال :
لما أصيب أبو عبيدة بن الجرّاح في طاعون عمواس استخلف معاذ بن جبل ، واشتد الوجع ، فقال الناس لمعاذ : ادع الله يرفع عنّا هذا الرجز ، قال : إنه ليس برجز ، ولكنه دعوة نبيّكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وشهادة يختص بها الله من يشاء منكم ، أيّها الناس ، أربع خلال من استطاع أن لا يدركه شيء منهن (٥) فلا تدركه ، قالوا : وما هي؟ قال : يأتي زمان يظهر فيه الباطل ، ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر ، ويقول الرجل : والله ما أدري على ما أنا ، لا يعيش على بصيرة ، ولا يموت على بصيرة ، ويعطى المال من مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله ، اللهمّ آت آل معاذ نصيبهم الأوفر من هذه الرحمة ، فطعن ابناه ، فقال : كيف تجدانكما؟ قالا : يا أبانا ، (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(٦) ، قال : وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين ، ثم طعنت (٧) امرأتاه ، فهلكتا ، وطعن هو في إبهامه ، فجعل يمسّها بفيه ويقول : اللهمّ إنها صغيرة فبارك فيها ، فإنك تبارك في الصغير ، حتى هلك.
__________________
(١) مكانها بياض في «ز».
(٢) قوله : «فقال معاذ» مكانه بياض في «ز».
(٣) قوله : «الله من شاء» مكانه بياض في «ز» ، وكتب على هامشها مقابل البياض : طمس بالأصل.
(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٥٨٨ ـ ٥٨٩.
(٥) بالأصل وبقية النسخ : منهم ، والمثبت عن ابن سعد.
(٦) سورة البقرة ، الآية : ١٤٧.
(٧) بالأصل والنسخ : «طعننا» والمثبت عن ابن سعد.