على رجل قد عرفته ، إنما هواه ورأيه في غيرنا ، وإنما يستتر بنا وقد اجتمع معه من الشيعة بشر كثير ، ولكني أقدم إلى البصرة وأهلها سامعون مطيعون ، ثم أرجف إليه بالجنود إن شاء الله ، فقال ابن الزبير : هذا الرأي! فصار مصعب إلى البصرة واليا عليها.
وبلغ المختار فعرف أنه الشرّ والسيف ، فكتب إلى ابن الزبير يشتمه ويعيبه ويقول : إنه لا طاعة لك على أحد ممن قبلي ، فاجلب بخيلك ورجلك.
وخطب المختار الناس بالكوفة ، وأظهر عيب ابن الزبير ، وخلعه ، ودعا إلى الرضا من آل محمّد ، وذكر محمّد بن الحنفية ، فقرظه وسمّاه المهدي (١) ، وكتب ابن الزبير إلى مصعب يأمره بالمسير إلى المختار في أهل البصرة ، فأمر مصعب بالتهيؤ ، ثم عسكر واستعمل على ميمنته [عمر](٢) بن عبد الله بن أبي ربيعة ، وعلى ميسرته عبد الله بن مطيع (٣) ، واستعمل على البصرة عبيد الله بن عمر بن عبيد الله بن معمر ، وبلغ المختار مسير مصعب بالجنود ، فبعث إليه أحمر بن شميط البجلي وأمره أن يواقعهم بالمذار (٤) فييتهم أصحاب مصعب ، فقتلوا ذلك الجيش فلم يفلت منهم إلّا الشريد ، وقتل تلك الليلة عبيد الله بن علي بن أبي طالب ، وكان في عسكر مصعب مع أخواله بني نهشل (٥) بن دارم.
وخرج المختار في عشرين ألفا حتى وقف بازائهم وهم فيما بين الجسر إلى نهر البصريين ، وزحف مصعب ومن معه فوافوهم مع الليل ، ولم يكن بينهم قتال ، فأرسل المختار إلى أصحابه (٦) حين أمسى : ألّا يبرحنّ أحد منكم موقفه حتى تسمعوا مناديا ينادي : يا محمّد ، فإذا سمعتم فاحملوا على القوم ، واقتلوا من لم تسمعوه ينادي يا محمّد ، ثم أمهل حتى إذا حلق القمر واتّسق ، أمر مناديا فنادى : يا محمّد ثم حملوا على مصعب وأصحابه ثم هزموهم ودخلوا عسكرهم ، فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا ، وأصبح المختار وليس عنده أحد [له](٧) ذكر غير عشرة فوارس ، وإذا أصحابه قد وغلوا جميعا في أصحاب مصعب.
__________________
(١) بعدها في «ز» : «أبو» ثم بياض مقداره كلمة. وقوله : «المهدي وكتب» مكانه بياض في م.
(٢) مكانها بياض بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وفي د : الحارث ، ومن قوله : «ثم .. إلى هنا» بياض في م. وفي تاريخ الطبري ٦ / ٩٥ وبعث عمر بن عبيد الله بن معمر على ميمنته.
(٣) في تاريخ الطبري : المهلب بن أبي صفرة على ميسرته.
(٤) بالأصل وبقية النسخ : المدار ، والمثبت عن تاريخ الطبري.
(٥) مكانها بياض في م ، و «ز».
(٦) مكانها بياض في «ز» ، وم.
(٧) زيادة عن م ، و «ز» ، ود ، للإيضاح.