فيؤدون أغانيهم.
وقد يكون النديم مغنيا فى نفس الوقت مثل إسحاق بن إبراهيم الموصلى.
وصناعة الغناء هى
تلحين الأشعار والموزونة بتقطيع الأصوات علي نسب منتظمة معروفة يوقع كل صوت منها
توقيعا عند قطعة ، فيكون نغمه ثم تؤلف تلك النغم بعضها إلى بعض على نسب متعارفة
فيلذ سماعها لأجل ذلك التناسب ، وما يحدث عنه من الكيفية فى تلك الأصوات.
انتشر الغناء فى
بغداد فى العصر العباسى الأول ، وأقبل أهل بغداد عليه ـ على اختلاف مستوياتهم ـ بشغف
شديد ، وزاد من شغف الناس به ، إقبال الكثير من الطرب واللهو من بلاد الإسلام على
بغداد. وإقامتهم بها ، وعرض فنهم فيها ، وكان بعض الخلفاء فى العصر العباسى الأول
يتحرج من الظهور للمغنين ، فلما ولى المنصور الخلافة شغل بإقرار الأمور فى دولته ،
والقضاء على أعدائها ، لذلك لم يكن له فى اللهو والطرب مجال ، ولم ير فى دار
المنصور لهو ولا غناء ، ولم يظهر لنديم قط. وكان بينه وبين الستارة عشرون ذراعا ،
وبين الستارة والندماء مثلها . أما المهدى فكان فى أول الأمر لا يحتجب عن الندماء ،
تشبهها بأبيه المنصور ، وظل على ذلك نحوا من سنة ، ثم ظهر لهم فأشار عليه أحد
خاصته بأن يحتجب عنهم تشبها بأبيه فرفض وقال. إنما اللذة فى مشاهدة السرور ، وفى
الدنو ممن سرنى.
وكان محبا
للنمادمة لا يترك جليسه إلا عن ضرورة ومن أشهر ندمائه مروان ابن أبى حفصة ، كان يأتى باب المهدى
على برذون قيمته عشرة آلاف دينار والسرج واللجام المزينين ، ولباسه الخز والوشى
ورائحة المسك والطيب تفوح منه .
والحقيقة أن
المهدى شجع أهل بغداد على الإقبال على الغناء واللهو ، إلا أنه رفض أن يتجاوزوا
باللهو حدود ما أمر به الله ، ولكن الأمور سارت على غير
__________________