على أن نفوذ البرامكة ازداد فى بغداد وطغى على نفوذه الخليفة ، وقد أستاء الرشيد من ذلك وقال : استبد يحيى بالأمور دونى ، فالخلافة على الحقيقة له وليس له منها إلا أسمها (١).
كذلك وقف الرشيد على ميل البرامكة إلى التشيع ، وسعى أعداء البرامكة عند الرشيد ، وأوضحوا له استبدادهم بالملك وبأموال الدولة حتى أوغروا صدر الرشيد على البرامكة ، فنكل بهم ، وقد كانت نكبة البرامكة هزيمة الفرس ، وأدت إلى ضعفهم.
ظل الفرس بعيدين عن السلطة والنفوذ فى بغداد بقية عهد الرشيد وطوال عهد الأمين ، ودارت رحى الرب بين الأخوين الأمين والمأمون انتهت بمقتل الأمين وانتصار المأمون وتوليته الخلافة فعاد النفوذ الفارسى إلى قوته. فقد قرب المأمون الفرس إليه ، وأسند إليهم المناصب الهامة فى الدولة. وجدير بالذكر أن المأمون نشأ وترعرع فى أحضان الفرس ، فأمة فارسية ، وأشرف البرامكة وبنو سهل الفرس على تربيته (٢).
استوزر المأمون الفضل بن سهل الذى سمى ذو الرئاستين لجمعه بين السيف والقلم ، والفضل بن سهل من أولاد ملوك الفرس المجوس ، وكان قهرمانا ليحيى ابن خالد بن برمك ، ولما رأى الفضل نجابة المأمون فى صباه لزم ناحيته ، ودبر أموره ، وتنبأ بوصوله إلى الخلافة ، وكان سخيا كريما يجارى البرامكة فى جوده جليلا عالما بآداب الملوك (٣).
وقع المأمون تحت تأثيره وزيره الفارسى ، لذلك أحدث تغييرا جذريا فى نظام الخلافة ، فعهد إلى على بن موسى ، وكتب بذلك كتابا بخطة ، وأمر المأمون
__________________
(١) ابن طباطبا : الفخرى فى الأداب السلطانية ص ١٩٠.
Hitti : Hist of the Arabs p. ٠٨٢.
(٢) ابن طباطبا : الفخرى فى الأداب السلطانية ص ١٧٩.
(٣) المسعودى : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٢٩.