قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

تحمیل

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد

54/353
*

يتناقسان حول الأستئثار بالسلطة والنفوذ فى حاضرة الخلافة ، وكان لا بد للخلفاء من حفظ التوازن بين الفريقين حتى لا يطغى فريق على فريق. ونلاحظ فى دراستنا لهذا الموضوع أن الخلفاء استعانوا بالفرس كما أستعانوا بالعرب ، وحينما طغى نفوذ الفرس ، نكلوا بهم وأبعدوهم ، واستعانوا بالعرب ، ومكنوا لهم ، وأدى ذلك إلى الصراع مرير بين العنصرين استمر حتى خلافة المعتصم.

حرص الخليفة المنصور على عدم التمكين لأحد العنصرين ـ العرب والفرس ـ من ازدياد نفوذه على حساب العنصر الآخر ، فكان للخليفة قواد وولاة من العرب ، وقواد وولاة من الفرس ، وكون جيشه من مضر واليمن وربيعة والخراسانية (١) ، وكما استوزر المنصور أبا يعقوب الموريانى ـ وهو فارسى ـ فقد استوزر الربيع بن يونس ـ العربى الأصل ـ وكان جليلا منفذا للأمور فصيحا حازما ، أصطحب المنصور فى رحلته الأخيرة إلى مكة المكرمة وأوصاه المنصور قبل موته. وأخذ البيعة لخليفته المهدى ، ولعيسى بن موسى من بعده ، ولما فرغ من بيعة بنى هاشم ، دعا بالقواد فبايعوا ، وبلغ من حرص المنصور على حفظ التوازن بين عنصرى السكان فى بغداد أنه لما شرع فى تأسيس بغداد قسمها ـ كما قلنا ـ أربعة أرباض وعهد إلى أربع من كبار رجال دولته بالإشراف على عمارة هذه الإرباض فكما جعل ربضا يشرف على تأسيسه الربيع بن يونس ، عهد إلى أبى يعقوب الموريانى ـ وزيره الفارسى ـ بالإشراف على أحد الأرباض (٢).

سار المهدى على سياسة أبيه فى حفظ التوازن بين عنصرى السكان فى بغداد ، فأسند حجابته إلى الربيع بن يونس ، وأختص به كما كان مع أبيه (٣) ، وأستوزر أبا عبيد الله بن معوية بن يسار مولى الأشعريين وفوض إليه تدبير مملكته فعهد إليه بالإشراف على الدواوين ، وتنظيم أمر الخراج ، وصنف فى الخراج كتابا ذكر فيه أحكامه الشرعية ، ودقائقه وقواعده ، وحرص هذا الوزير العربى على إبعاد الفرس عن المهدى ، حتى يصفو الأمر للعرب ذون سواهم ، فلما رأى تقرب

__________________

(١) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٥١ ه‍.

(٢) ابن طباطبا : الفخرى فى الآداب السلطانية ص ١٦٠.

(٣) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ١٠٠.