يباع فيها مختلف البضائع ، ولقد أعفا المنصور التجار من الضرائب تحقيقا عليهم ، وتشجيعا لهم على مواصلة عملهم ، ولما استخلف المهدى فرض الضرائب على الحوانيت (١) ، وبمرور الزمن كثر التجار فى الكرخ ، وضاق بهم ، فبنى التجار أسواقا من أموالهم حتى اتسع الكرخ (٢).
وكانت التجارة فى الرصافة تتركز فى محلة باب الطاق فى طرف الجسر المركزى ، ومن ساحة هذا الجسر يتفرع سوقان ، سوق الأساكفة وسوق الطيب حيث تباع العطور والزهور ، ويلى هذا السوقان سوق الخبازين وسوق القصايين ، وسوق الصاغة وسوق الوراقين (٣) وظلت التجارة مزدهرة فى هذه الأسواق حتى عهد الأمين فتعطلت بسبب الحصار ، وفى بداية عهد المأمون ارتفعت الأسعار بسبب الأضطرابات التى حدثت داخل بغداد.
كانت بغداد ملتقى التجارة فى العصر الساسانى ، وازدهرت التجارة فيها بعد تأسيسها مباشرة ، فقد سكنها أناس من مختلف الأمصار ، وآثارها السكان الجدد على أوطانهم «فليس من أهل بلد إلا ولهم فيها محلة ومتجر ومتصرف ، فاجتمع بها ما ليس فى مدينة أخرى» وأدى موقعها التجارى الممتاز ، وجريان دجله والفرات فى حافتيها إلى أن كانت التجارة تأتيها برا وبحرا بأيسر السبل حتى أجتمعت بها بضائع المشرق والمغرب من أرض الإسلام وغير أرض الإسلام ، فتأتيها التجارة من الهند والسند والصين والتبت وبلاد ما وراء النهر والترك والخزر والحبشة وسائر البلدان (٤).
ومن أسباب اختيار المنصور لموقع بغداد حاضرة لدولته موقعها التجارى ، رآها جزيرة بين دجلة والفرات ، دجلة شرقيها والفرات غربيها فتأتيها من دجلة تجارات واسعة ، من البصرة والأبلة والأهواز وفارس وعمان والبحرين واليمامة وما
__________________
(١) ياقوت : معجم البلدان ج ٧ ص ، ٢٢٣
(٢) Le Strang : Hist.of Baghdad p.١٨١.
(٣)
Ibid pp.١٧٢ ـ ٢٧٢.
John Glubb : The Empire of the Arabs, p ٠٣٣.
(٤) اليعقوبى : البلدان ص ، ٢٣٤