فلما نشأ فى أهل المدينة روح التخاذل والأترة وقد تم ذلك نهار الأحد ٢٧ من ذى القعدة سنة ٨٠٣ ه (الموافق لليوم ١٠ من شهر تموز سنة ١٤٠١ م) وكان حماة الأسوار قد غادروها لشدة حر الهاجرة تسلق جيش تيمور أسوار القلاع بسلالم وأول من وصل إلى رؤوسها كان أميرزاده خليل سلطان والشيخ نور الدين ورستم طغا ولما لم يستطع أن يفعل أكثر مما فعل ركب هو وأهله سفنا وانحدر بها إلى البصرة إلا أن الأعداء تاثروه وأغرقوه هو وأهله وسفنهم وقيل أخذ وقتل.
ولما دخل تيمور المدينة أمر بذبح أهلها ذبحا عاما فأخربت المساجد والجوامع وهدمت المدارس التى يرتقى عهدها إلى العباسيين والسلاطين الأولين الذين جاؤوا بعد الخلفاء قال صاحب كتاب عمدة البيان فى تصاريف الزمان : قتل فيها (أى تيمور فى بغداد) تسعين ألف مسلم. وقال صاحب منتجع المرتاد فى تاريخ بغداد «وكانت واقعة (بغداد هائلة) اندكت لها الأرض وعملوا فيها السيف فقتلوا فيها الأولاد والنساء والرجال وخربوا حصونها وهدموا بروجها واتلفوا كل مما فيها من الحسن فجرى ما جرى إذ ذاك وسالت الدمآء كالماء فى شوارعها الليحاء قيل وأقاموا فيها هرما عليه تسعون ألف رأس من القتلى».
وبعد أن خمدت هذه الشدة وخبت حدث ثائرتها كتب تيمور إلى بيازيد ليسلمه عدويه السلطان أحمد وقره يوسف فلم يجب طلبه فاشتعل غيظا واندفع زاحفا على بلاد الروم (آسيا الصغرى) فانكسر بيازيد فى أنقرة كسرة لا نهوض وراؤها.
ولما عاد تيمور ادراجه عهد إلى حفيده ميرزا أبى بكر بن ميران شاه ولاية بغداد وضم إليه البصرة والجزائر جزائر شط العرب (والمراد بالجزائر جماعة الجزر التى كانت تنشأ من تجمع سواعد الشط بين جوازر وهى اليوم القرنة) وبين الجماسية بقرب واسط وبعد أن مضى ردح من الزمن حاول قره يوسف أن يناجز جيوش التتار على نهر العلقمى بجوار الحلة إلا أنه لم يفز بطائل فان أبا بكر دحره عن تلك الديار فأصبح سيد العراق وحده لا يشاطره فيه مشاطر.