الكندى وغيره إلى العربية ، واستخدم الخوارزمى هذه المادة لإجراء أبحاثه ، وأخرج بدوره مؤلفه الجغرافى «وجه الأرض» (١).
وفى أواخر العصر العباسى الأول ظهر الرحالة ، ومن أبرزهم ابن خرداذبه الذى عاش فى النصف الأول من القرن الثالث الهجرى ، كتب كتابه المسالك والممالك ، ويعتبر من أقدم الكتب العربية فى الجغرافيا ، وهو عبارة عن دليل يستفيد منه المسافرون فى الأهتداء إلى الطريق البحرى الذى يبدأ من مصب دجلة عند الأبله ويصل إلى الهند والصين (٢).
ومما يدل على عناية المأمون بالبحث الجغرافى أنه جمع علماء عصره وأمرهم بوضع خريطة للعالم ، فوضعوا له خريطة دقيقة كانت أفضل مما تقدمها من دراسات فى جغرافيا للعالم على عهد بطليموس وغيره من علماء اليونان ، ولقد سميت بالمأمونية ، كذلك أمر المأمون سبعين رجلا من علماء الجغرفيا بوضع كتاب فى الجغرافيا ، فصنفوا كتابا أفاد منه ولاة الأقاليم فى الدولة العباسية إذ كان أشبه بدليل أرشدهم إلى مختلف البلاد والأمم (٣).
ومن الأبحاث الجغرافية التى أنجزت فى عهد المأمون ، قياس محيط الأرض وقد قام به علماء بغداد ، وقدروه بنحو أربعة وعشرين ألف ميل ، وقد أختاروا لإجراء تجاربهم ، مكانين منبسطين فى صحراء سنجار وأرض الكوفة ، ونصبوا الآلات وقاسوا الإرتفاعات والميل والأفق. وعلموا أن كل درجة من درجات الفلك يقابلها ٣ / ٢ ٦٦ ميل ، وقياس العرب هذا هو أول قياس حقيقى أجرى كله مباشرة مع كل ما أقتضته تلك المساحة من المدة الطويلة والصعوبة والمشقة ، وخلص العلماء إلى أن الأرض مستديرة (٤).
وتضمنت مجالس مناظرات الخليفة الواثق مناقشات جغرافية على جانب كبير
__________________
(١) أنتونى ناتنج ، العرب ص ١١٨.
(٢) مقدمة كتاب المسالك والممالك لأبن خرداذبه.
(٣) ناتنج ، العرب ص ١٧٨.
(٤) ابن خلكان. وفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٤٧.