وفى اللغة والأدب ، كذلك دخل فى مناظرات كثيرة مع العلماء ، وقال عنه الشافعى : ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعى (١). وكان لوجوده فى القصور وبين يدى الخلفاء والأمراء ، وقيامه بمهمة منادمتهم وحسن استعداده لذلك أن روى الشئ الكثير عن حياة العرب الإجتماعية فى أسلوب قصصى تناقله أهل العراق وسائر أهل الأمصار (٢).
ووفد على بغداد فى عهد الخليفة المهدى أبا زيد الأنصارى الذى تثقف فى مدرسة البصرة ، وكان ثقة فيما يروى عن أخبار العرب يلتزم الصدق فى الرواية.
ولو كانت نادرة ، غريبة ، لذلك فقد أمد النحو بالشواهد الكثيرة التى رواها عن العرب. وفى عهد المهدى أيضا نبغ أبو الفضل الضبى الذى صنف كتاب المفضليات ، وأهداه للخليفة المهدى (٣).
ومن أدباء بغداد أبو عبيدة معمر المثنى. وهو من أصل فارسى. وكان يهوديا لذلك تنوعت ثقافته. فكان عالما بأيام العرب وأخبارهم وعلومهم ، وبالثقافة الفارسية. فضلا عن معارف اليهود ، واسع الأطلاع ، غير أن شعوبيته ظهرت أحيانا فى مؤلفاته. إذ عاب على العرب أحيانا فى مصنفاته ، وقد قدم إلى بغداد فى عهد الخليفة الرشيد ، ومكنه إسحاق بن إبراهيم الموصلى من التردد على قصر الخليفة ، وقربه إليه ، وكان الفرس فى بغداد يرفعون من شأنه لأنه منهم ، ويفضلونه على الأصمعى العربى الأصل (٤).
كذلك قدم إلى بغداد. الكسائى ـ الذى سبقت الإشارة إليه ـ وأصله فارسى نشأ بالكوفة. وقدم إلى بغداد فى عهد الرشيد. وأسند إليه مهمة تأديب ولديه الأمين والمأمون وقد نبغ فى اللغة والنحو وبلغ من تقدير الرشيد له أن رفع شأنه. فبعد أن كان من طبقة المؤدبين. ارتفع إلى طبقة الندماء (٥).
__________________
(١) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ١ ص ٣٢٢.
(٢) أحمد أمين. ضحى الإسلام ج ٢ ص ٣٠.
(٣) Nicholson : Literary Hist of persia.p.٦٨٢.
(٤) ابن النديم : الفهرست ص ٩٧.
(٥) ياقوت ، معجم الأدباء ج ٥ ص ١٨٣.