الجهال .. فأجمع
من بحضرتك من القضاة ، واقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين هذا إليك ، فابدأ بامتحانهم
فيما يقولون وتكشيفهم عما يعتقدون فى خلق الله القرآن وأحداثه .
وعلى الرغم من
تشدد المأمون فى حمل الناس على القول بخلق القرآن فإن بعض العلماء رفضوا رأى
الخليفة ، وأصروا على أن القرآن قديم وتعرضوا للأذى بسبب إصرارهم وأوصى المأمون
قبل وفاته المعتصم بحمل الناس على القول بخلق القرآن ، فلما ولى المعتصم الخلافة
سار سيرة المأمون فى القول بخلق القرآن ، على الرغم من ضآلة ثقافته ، وإغفاله
مجالس المناظرة ، ومجالسة العلماء ، كما كان الحال فى عهد سلفه.
اشتد المعتصم مع
المعارضين للقول بخلق القرآن ، ومن الذين اشتد فى عقوبتهم ، أحمد بن حنبل ، فعلى
الرغم من أنه تعرض الضرب المؤلم والتعذيب إلا أنه أصر على امتناعه ورفض أن يستجيب
لمطلب بعض الذين أشفقوا عليه بأن يقول بخلق القرآن تقية وقال : إذا أجاب العالم
تقية ، والجاهل يجهل ، فمتى يتبين الحق؟ وأصر الرجل على امتناعه ، حتى أعجب الناس
بقوة عقيدته ، وكان أحمد بن حنبل يقول بأن الله قديم وليس كمثله شئ. ولا يقول بخلق
القرآن لأن الله لم يقله ورسوله لم يدع إليه.
وعلى الرغم من أن
الذين عارضوا القول بخلق القرآن تعرضوا للقتل بأمر من المعتصم إلا أن هذا الخليفة
لم يعاقب ابن حنبل بمثل ما عاقب به غيره ، لأنه خشى أن يحدث قتله فتنة نظرا
لالتفاف الناس حوله بعد أن أعجبوا بصلابته ، كما أن المعتصم نفسه أعجب بشجاعته
وثباته على ما يعتقد أنه الحق ، وأكتفى بضربه ، ثم أمر بالافراج عنه ، ذلك أن
المعتصم عقد مجلسا لمناظرة الإمام أحمد بن حنبل ، وقال له : لو لا أن كنت فى يد من
كان قبل ما أتعرض إليك. ثم بدأت المناظرة وقال ابن حنبل : القرآن من علم الله ،
ومن زعم أن علم الله مخلوق كفر بالله وكان صوته يعلو على صوت مناظريه ، وتغلب حججه
حججهم ، وفى أثناء
__________________