بين بغداد ومكة ، وأقامت البرك والأبار والمنازل ، ولو لا أصلاحاتها الجليلة لتعذر المسير في هذا الطريق (١).
وعرف عنها الخير والفضل على أهل العلم والبر بالفقراء والمساكين وحرصت على تربية أولادها وجواريها تربية دينية ، فكان لها مائة جارية يحفظن القرآن ، ولكل واحدة ورد عشر القرآن ، ويسمع فى قصرها كدوى النحل من قراءة القرآن (٢).
لعبت السيده زبيده أم جعفر دورا كبيرا فى تطور الحياة السياسية فى بغداد فيذكر المسعودى (٣) أنها ما زالت بالرشيد حتى أقنعته بأخذ البيعة لابنها الأمين قبل المأمون على الرغم من أن المأمون أكبر سنا من الأمين ، فوافق الرشيد وهو يعلم أن المأمون أكثر كفاءة من المأمون ، بدليل أن الرشيد قال لها : ليس أبنك أهلا للخلافة ولا يصلح للرعايا (٤).
ولما ولى الأمين الخلافة ، ونشبت الفتنة بينه وبين أخيه المأمون شجعت السيدة زبيده أم جعفر قواد بغداد على الدفاع عن الحاضرة الإسلامية الكبرى ، وقهر المأمون ، فدفعت إلى على بن عيسى بن ماهان ـ قائد جيش الأمين ـ يقيد ، وطلبت منه أن يقيد المأمون به ، ولكن لا يعنف عليه فى السير حتى ولو أساء إليه (٥).
وكانت تحيا حياة مترفه فى قصرها المنيف ، وتمتلك ثروة ضخمة ، وهى أول من اتخذ الآله من الذهب والفضه المكللة بالجوهر وصنعت لها ثياب من الوشى بلغ ثمن الثوب منه خمسين ألف دينار ، واتخذت الخدم والجوارى يذهبون على الدواب في حوائجها ، وهى أول من اتخذ القباب من الفضة والأبنوس والصندل
__________________
(١) المسعودى : مروج الذهب ج ٢ ص ٥٥٦.
(٢) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ٢ ص ٧٠.
(٣) مروج الذهب ج ٢ ص ٢٧٨.
(٤) ابن قتبيه : الإمامة والسياسة ج ٢ ص ٣٢٤.
(٥) المسعودى : مروج الذهب ج ٢ ص ٢٧٨.