بالشام ، على أحدهما دمشق وعلى الآخر بيت المقدس ، انتهى. وفي شعر النابغة ذكر التين وشرح بأنه جبل مستطيل. قال النابغة :
صهب الظلال أبين التين عن عرض |
|
يزجين غيما قليلا ماؤه شبها |
وقيل : هما مسجدان ، واضطربوا في مواضعهما اضطرابا كثيرا ضربنا عن ذلك صفحا. ولم يختلف في طور سيناء أنه جبل بالشام ، وهو الذي كلم الله تعالى موسى عليهالسلام عليه. ومعنى (سِينِينَ) : ذو الشجر. وقال عكرمة : حسن مبارك. وقرأ الجمهور : (سِينِينَ) ؛ وابن أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاء : بفتح السين ، وهي لغة بكر وتميم. قال الزمخشري : ونحو سينون بيرون في جواز الإعراب بالواو والياء ، والإقرار على الياء تحريك النون بحركات الإعراب ، انتهى. وقرأ عمر بن الخطاب وعبد الله وطلحة والحسن : سيناء بكسر السين والمد ؛ وعمر أيضا وزيد بن علي : بفتحها والمد ، وهو لفظ سرياني اختلفت بها لغات العرب. وقال الأخفش : سينين : شجر واحده سينينة.
(وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : هو مكة ، وأمين للمبالغة ، أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان ، أو من أمن الرجل بضم الميم أمانة فهو أمين ، وأمانته حفظه من دخله ولا ما فيه من طير وحيوان ، أو من أمن الرجل بضم الميم أمانة فهو أمين ، كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه. ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل. كما وصف بالآمن في قوله : (حَرَماً آمِناً) (١) بمعنى ذي أمن. ومعنى القسم بهذه الأشياء إبانة شرفها وما ظهر فيها من الخير بسكنى الأنبياء والصالحين. فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم عليهالسلام ومولد عيسى ومنشأه ، والطور هو المكان الذي نودي عليه موسى عليهالسلام ، ومكة مكان مولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومبعثه ومكان البيت الذي هو هدى للعالمين. (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ، قال النخعي ومجاهد وقتادة : حسن صورته وحواسه. وقيل : انتصاب قامته. وقال أبو بكر بن طاهر : عقله وإدراكه زيناه بالتمييز. وقال عكرمة : شبابه وقوته ، والأولى العموم في كل ما هو أحسن. والإنسان هنا اسم جنس ، وأحسن صفة لمحذوف ، أي في تقويم أحسن.
(ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) ، قال عكرمة والضحاك والنخعي : بالهرم وذهول العقل وتغلب الكبر حتى يصير لا يعلم شيئا. أما المؤمن فمرفوع عنه القلم والاستثناء على هذا
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٥٧.