و (بِسَحَرٍ) : هو بكرة ، فلذلك صرف ، وانتصب (نِعْمَةً) على أنه مفعول من أجله ، أي نجيناهم لإنعامنا عليهم أو على المصدر ، لأن المعنى : أنعمنا بالتنجية إنعاما. (كَذلِكَ نَجْزِي) : أي مثل ذلك الإنعام والتنجية نجزي (مَنْ شَكَرَ) إنعامنا وأطاع وآمن. (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا) : أي أخذتنا لهم بالعذاب ، (فَتَمارَوْا) : أي تشككوا وتعاطوا ذلك ، (بِالنُّذُرِ) : أي بالإنذار ، أو يكون جمع نذير. (فَطَمَسْنا) ، قال قتادة : الطمس حقيقة جر جبريل عليهالسلام على أعينهم جناحه ، فاستوت مع وجوههم. وقال أبو عبيدة : مطموسة بجلد كالوجه. قيل : لما صفقهم جبريل عليهالسلام بجناحه ، تركهم يترددون لا يهتدون إلى الباب ، حتى أخرجهم لوط عليهالسلام. وقال ابن عباس والضحاك : هذه استعارة ، وإنما حجب إدراكهم ، فدخلوا المنزل ولم يروا شيئا ، فجعل ذلك كالطمس. وقرأ الجمهور : فطمسنا بتخفيف الميم ؛ وابن مقسم : بتشديدها. (فَذُوقُوا) : أي فقلت لهم على ألسنة الملائكة : ذوقوا.
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً) : أي أول النهار وباكره ، لقوله : (مُشْرِقِينَ) (١) و (مُصْبِحِينَ) (٢). وقرأ الجمهور : بكرة بالتنوين ، أراد بكرة من البكر ، فصرف. وقرأ زيد بن علي : بغير تنوين. (عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) : أي لم يكشفه عنهم كاشف ، بل اتصل بموتهم ، ثم بما بعد ذلك من عذاب القبر ، ثم عذاب جهنم. (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) : توكيد وتوبيخ ذلك عند الطمس ، وهذا عند تصبيح العذاب. قيل : وفائدة تكرار هذا ، وتكرار (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا) ، التجرد عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين ، للاتعاظ واستئناف التيقظ إذا سمعوا الحث على ذلك لئلا تستولي عليهم الغفلة ، وهكذا حكم التكرير لقوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٣) عند كل نعمة عدها في سورة الرحمن. وقوله : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤) عند كل آية أوردها في سورة والمرسلات ، وكذلك تكرير القصص في أنفسها ، لتكون العبرة حاضرة للقلوب ، مذكورة في كل أوان.
(وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) : هم موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء ، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون ، أو يكون جمع نذير المصدر بمعنى الإنذار. (كَذَّبُوا
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٧٣ ، وسورة الشعراء : ٢٦ / ٦٠.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٦٦ ـ ٨٣ ، وسورة الصافات : ٣٧ / ١٣٧ ، وسورة القلم : ٦٨ / ١٧.
(٣) سورة الرحمن : ٥٥ / الآية مكررة.
(٤) سورة المرسلات : ٧٧ / الآية مكررة.