عليهم بذلك يعطي الجنة ، بل بالإيمان والعمل الصالح. وقال قتادة في تفسيرها : إنما خلقت من قذر يا ابن آدم. وقال أنس : كان أبوبكر إذا خطبنا ذكر مناتن ابن آدم ومروره في مجرى البول مرتين ، وكذلك نطفة في الرحم ، ثم علقة ، ثم مضغة إلى أن يخرج فيتلوث في نجاسته طفلا. فلا يقلع أبوبكر حتى يقذر أحدنا نفسه ، فكأنه قيل : إذا كان خلقكم من نطفة مذرة ، فمن أين تتشرّفون وتدعون دخول الجنة قبل المؤمنين؟ وأبهم في قوله : (مِمَّا يَعْلَمُونَ) ، وإن كان قد صرّح به في عدّة مواضع إحالة على تلك المواضع. ورأى مطرف بن عبد الله بن الشخير المهلب بن أبي صفرة يتبختر في مطرف خز وجبة خز ، فقال له : يا عبد الله ، ما هذه المشية التي يبغضها الله تعالى؟ فقال له : أتعرفني؟ قال : نعم ، أوّلك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وأنت تحمل عذرة. فمضى المهلب وترك مشيته.
وقرأ الجمهور : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) ، لا نفيا وجمعهما وقوم بلام دون ألف ؛ وعبد الله بن مسلم وابن محيصن والجحدري : المشرق والمغرب مفردين. أقسم تعالى بمخلوقاته على إيجاب قدرته ، على أن يبدل خيرا منهم ، وأنه لا يسبقه شيء إلى ما يريد. (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا) : وعيد ، وما فيه من معنى المهادنة هو منسوخ بآية السيف. وقرأ أبو جعفر وابن محيصن : يلقوا مضارع لقى ، والجمهور : (يُلاقُوا) مضارع لاقى ؛ والجمهور : (يَخْرُجُونَ) مبنيا للفاعل. قال ابن عطية : وروى أبو بكر عن عاصم مبنيا للمفعول ، و (يَوْمَ) بدل من (يَوْمَهُمُ). وقرأ الجمهور : نصب بفتح النون وسكون الصاد ؛ وأبو عمران الجوني ومجاهد : بفتحهما ؛ وابن عامر وحفص : بضمهما ؛ والحسن وقتادة : بضم النون وسكون الصاد. والنصب : ما نصب للإنسان ، فهو يقصده مسرعا إليه من علم أو بناء أو صنم ، وغلب في الأصنام حتى قيل الأنصاب. وقال أبو عمرو : هو شبكة يقع فيها الصيد ، فيسارع إليها صاحبها مخافة أن يتفلت الصيد منها. وقال مجاهد : نصب علم ، ومن قرأ بضمهما ، قال ابن زيد : أي أصنام منصوبة كانوا يعبدونها. وقال الأخفش : هو جمع نصب ، كرهن ورهن ، والأنصاب جمع الجمع. يوفضون : يسرعون. وقال أبو العالية : يستبقون إلى غايات. قال الشاعر :
فوارس ذنيان تحت الحديد |
|
كالجن يوفضن من عبقر |
وقال آخر في معنى الإسراع :
لأنعتنّ نعامة ميفاضا |
|
حرجاء ظلت تطلب الاضاضا |