بعضهم أن هذا ليس كما ذكروا ، لأن الضمير في (خالِدِينَ) ليس عائدا على من ، بخلاف الضمير في (يُؤْمِنْ) ، (وَيَعْمَلْ) ، و (يُدْخِلْهُ) ، وإنما هو عائد على مفعول (يُدْخِلْهُ) ، و (خالِدِينَ) حال منه ، والعامل فيها (يُدْخِلْهُ) لا فعل الشرط.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ) : لا خلاف أن السموات سبع بنص القرآن والحديث ، كما جاء في حديث الإسراء ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم لسعد : «حكمت بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة» ، وغيره من نصوص الشريعة. وقرأ الجمهور : (مِثْلَهُنَ) بالنصب ؛ والمفضل عن عاصم ، وعصمة عن أبي بكر : مثلهن بالرفع فالنصب ، قال الزمخشري : عطفا على (سَبْعَ سَماواتٍ). انتهى ، وفيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف ، وهو الواو ، والمعطوف ؛ وهو مختص بالضرورة عند أبي عليّ الفارسي ، وأضمر بعضهم العامل بعد الواو لدلالة ما قبله عليه ، أي وخلق من الأرض مثلهن ، فمثلهن مفعول للفعل المضمر لا معطوف ، وصار ذلك من عطف الجمل والرفع على الابتداء ، (وَمِنَ الْأَرْضِ) الخبر ، والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف. فقال الجمهور : المثلية في العدد : أي مثلهن في كونها سبع أرضين. وفي الحديث : «طوقه من سبع أرضين» ، ورب الأرضين السبع وما أقللن» ، فقيل : سبع طباق من غير فتوق. وقيل : بين كل طبقة وطبقة مسافة. قيل : وفيها سكان من خلق الله. قيل : ملائكة وجن. وعن ابن عباس ، من رواية الواقدي الكذاب ، قال : في كل أرض آدم كآدم ، ونوح كنوح ، ونبي كنبيكم ، وإبراهيم كإبراهيمكم ، وعيسى كعيسى ، وهذا حديث لا شك في وضعه. وقال أبو صالح : إنها سبع أرضين منبسطة ، ليس بعضها فوق بعض ، تفرق بينها البحار ، وتظل جميعها السماء.
(يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) : من السموات السبع إلى الأرضين السبع. وقال مقاتل وغيره : الأمر هنا الوحي ، فبينهن إشارة إلى بين هذه الأرض التي هي أدناها وبين السماء السابعة. وقال الأكثرون : الأمر : القضاء ، فبينهن إشارة إلى بين الأرض السفلى التي هي أقصاها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها. وقيل : (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) بحياة وموت وغنى وفقر. وقيل : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبير. وقرأ الجمهور : (يَتَنَزَّلُ) مضارع تنزل. وقرأ عيسى وأبو عمرو ، في رواية : ينزل مضارع نزل مشدّدا ، الأمر بالنصب ؛ والجمهور : (لِتَعْلَمُوا) بتاء الخطاب. وقرىء : بياء الغيبة ، والله تعالى أعلم.