الْمُتَلَقِّيانِ) ، ومنها مجيء سكرة الموت ، ومنها : النفخ في الصور ، ومنها : مجيء كل نفس معها سائق وشهيد. والمتلقيان : الملكان الموكلان بكل إنسان ؛ ملك اليمين يكتب الحسنات ، وملك الشمال يكتب السيئات. وقال الحسن : الحفظة أربعة ، اثنان بالنهار واثنان بالليل. وقعيدة : مفرد ، فاحتمل أن يكون معناه : مقاعد ، كما تقول : جليس وخليط : أي مجالس ومخالط ، وأن يكون عدل من فاعل إلى فعيل للمبالغة ، كعليم. قال الكوفيون : مفرد أقيم مقام اثنين ، والأجود أن يكون حذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، أي عن اليمين قعيد ، كما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطوى رماني |
على أحسن الوجهين فيه ، أي كنت منه بريا ، ووالدي بريا. ومذهب المبرد أن التقدير عن اليمين قعيد ، وعن الشمال ، فأخر قعيد عن موضعه. ومذهب الفراء أن لفظ قعيد يدل على الاثنين والجمع ، فلا يحتاج إلى تقدير. وقرأ الجمهور : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) ، وظاهر ما يلفظ العموم. قال مجاهد ، وأبو الحواراء : يكتب عليه كل شيء حتى أنينه في مرضه. وقال الحسن ، وقتادة : يكتبان جميع الكلام ، فيثبت الله تعالى من ذلك الحسنات والسيئات ، ويمحو غير ذلك. وقيل : هو مخصوص ، أي من قول خير أو شر. وقال : معناه عكرمة ، وما خرج عن هذا لا يكتب. واختلفوا في تعيين قعود الملكين ، ولا يصح فيه شيء. (رَقِيبٌ) : ملك يرقب. (عَتِيدٌ) : حاضر ، وإذا كان على اللفظ رقيب عتيد ، فأحرى على العمل. وقال الحسن : فإذا مات ، طويت صحيفته. وقيل : له يوم القيامة اقرأ كتابك.
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ) : هو معطوف على (إِذْ يَتَلَقَّى) ، وسكرة الموت : ما يعتري الإنسان عند نزاعه ، والباء في (بِالْحَقِ) للتعدية ، أي جاءت سكرة الموت الحق ، وهو الأمر الذي أنطق الله به كتبه وبعث به رسله ، من سعادة الميت أو شقاوته ، أو للحال ، أي ملتبسة بالحق. وقرأ ابن مسعود : سكران جمعا. (ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) : أي تميل. تقول : أعيش كذا وأعيش كذا ، فمتى فكر في قرب الموت ، حاد بذهنه عنه وأمل إلى مسافة بعيدة من الزمن. ومن الحيد : الحذر من الموت ، وظاهر تحبد أنه خطاب للإنسان الذي جاءته سكرة الموت. وقال الزمخشري : الخطاب للفاجر. تحيد : تنفر وتهرب. (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) ، هو على حذف : أي وقت ذلك يوم الوعيد. والإشارة إلى