والحسن ، وأبو رجاء ، وعيسى ، والجحدري أيضا : كذلك. وقرأ علي : (فَلَنْ يُضِلَ) مبنيا للمفعول ؛ (أَعْمالَهُمْ) : رفع. وقرىء : يضل ، بفتح الياء ، من ضل أعمالهم : رفع. (سَيَهْدِيهِمْ) : أي إلى طريق الجنة. وقال مجاهد : يهتدي أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطؤون ، لأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا ، لا يستبدلوا عليها. وروى عياض عن أبي عمرو : (وَيُدْخِلُهُمُ) ، و (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) (١) ، و (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) (٢) ، بسكون لام الكلمة. (عَرَّفَها لَهُمْ) ، عن مقاتل : أن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله. وقال أبو سعيد الخدري ، ومجاهد ، وقتادة : معناه بينها لهم ، أي جعلهم يعرفون منازلهم منها. وفي الحديث لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزلة في الدنيا. وقيل : سماها لهم ورسمها كل منزل بصاحبه ، وهذا نحو من التعريف.
يقال : عرف الدار وأرفها : أي حددها ، فجنة كل أحد مفرزة عن غيرها. والعرف والأرف : الحدود. وقيل : شرفها لهم ورفعها وعلاها ، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها. وقال مؤرج وغيره : طيبها ، مأخوذ من العرف ، ومنه : طعام معرف : أي مطيب ، أي وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل.
(إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ) : أي دينه ، (يَنْصُرْكُمْ) : أي على أعدائكم ، بخلق القوة فيكم ، وغير ذلك من المعارف. (وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) : أي في مواطن الحرب ، أو على محجة الإسلام. وقرأ الجمهور : (وَيُثَبِّتْ) : مشددا ، والمفضل عن عاصم : مخففا. (فَتَعْساً لَهُمْ) : قال ابن عباس : بعد الهم ؛ وابن جريج ، والسدي : حزنا لهم ؛ والحسن : شتما ؛ وابن زيد : شقاء ؛ والضحاك : رغما ؛ وحكى النقاش : قبحا. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : مبتدأ ، والفاء داخلة في خبر المبتدأ وتقديره : فتعسهم الله تعسا. فتعسا : منصوب بفعل مضمر ، ولذلك عطف عليه الفعل في قوله : (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ). ويجوز أن يكون الذين منصوبا على إضمار فعل يفسره قوله : (فَتَعْساً لَهُمْ) ، كما تقول : زيدا جدعا له. وقال الزمخشري : فإن قلت : على م عطف قوله : وأضل أعمالهم؟ قلت : على الفعل الذي نصب تعسا ، لأن المعنى : فقال تعسا لهم ، أو فقضى تعسا لهم ؛ وتعسا لهم نقيض لعى له. انتهى. وإضمار ما هو من لفظ المصدر أولى ، لأن فيه دلالة على ما حذف. وقال ابن عباس : يريد في الدنيا القتل ، وفي الآخرة التردي في النار. انتهى. وفي قوله : (فَتَعْساً
__________________
(١) سورة التغابن : ٦٤ / ٩.
(٢) سورة الإنسان : ٧٦ / ٩.