ويحب نيلها ، (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) : أي به وعن أمره ، لا تنال عزته إلا بطاعته. وقال الفراء : من كان يريد علم العزة ، (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) : أي هو المتصف بها. وقيل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) : أي لا يعقبها ذلة ، ويصار بها للذلة. وقال الزمخشري : كان الكافرون يتعززون بالأصنام ، كما قال عزوجل : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) (١). والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين ، كما قال : (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (٢) ، فبين أن لا عزة إلا لله ولأوليائه وقال : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (٣). انتهى. ولا تنافي بين قوله : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (٤) ، وإن كان الظاهر أنها له لا لغيره ، وبين قوله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (٥) وإن كان يقتضي الاشتراك ، لأن العزة في الحقيقة لله بالذات ، وللرسول بواسطة قربه من الله ، وللمؤمنين بواسطة الرسول. فالمحكوم عليه أولا غير المحكوم عليه ثانيا. ومن اسم شرط ، وجملة الجواب لا بد أن يكون فيها ضمير يعود على اسم الشرط إذا لم يكن ظرفا ، والجواب محذوف تقديره على حسب تلك الأقوال السّابقة. فعلى قول مجاهد : فهو مغلوب ، وعلى قول قتادة : فيطلبها من الله ، وعلى قول الفراء : فلينسب ذلك إلى الله ، وعلى القول الرابع : فهو لا ينالها ؛ وحذف الجواب استغناء عنه بقوله : (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) ، لدلالته عليه. والظاهر من هذه الأقوال قول قتادة : فليطلبها من العزة له يتصرف فيها كما يريد ، كما قال تعالى : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) (٦) ، وانتصب جميعا على المراد ، والمراد عزة الدنيا وعزة الآخرة.
و (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) : التوحيد والتحميد وذكر الله ونحو ذلك. وقال ابن عباس : شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل : ثناء بالخير على صالحي المؤمنين. وقال كعب : إن لسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر لدويا حول العرش كدوي النحل بذكر صاحبها. وقرأ الجمهور : (يَصْعَدُ) ، مبنيا للفاعل من صعد ؛ (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) : مرفوعا ، فالكلم جمع كلمة. وقرأ علي ، وابن مسعود ، والسلمي ، وإبراهيم : يصعد من أصعد ، الكلام الطيب على البناء للمفعول. انتهى. وقرأ زيد بن علي : يصعد من صعد الكلام : رقي ، وصعود الكلام إليه تعالى مجاز في الفاعل وفي المسمى إليه ، لأنه تعالى ليس في جهة ، ولأن الكلم ألفاظ لا توصف بالصعود ، لأن الصعود من الاجرام يكون ، وإنما ذلك كناية عن
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ٨١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٣٩.
(٣) سورة المنافقون : ٦٣ / ٨.
(٤) سورة النساء : ٤ / ١٣٩.
(٥) سورة فاطر : ٣٥ / ١٠.
(٦) سورة آل عمران : ٣ / ٢٦.