بإيماننا. وقال السدي : المعنى : أرنا منازلنا من الجنة حتى نتابعك ، وعلى كل قول ، فإنما قالوا ذلك على سبيل الاستخفاف والاستهزاء. ومعنى (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) : أي الذين يزعمون أنه واقع في العالم ، إذ هم كفرة لا يؤمنون بالبعث.
ولما كانت مقالتهم تقتضي الاستخفاف ، أمر تعالى نبيه بالصبر على أذاهم ، وذكر قصصا للأنبياء : داود وسليمان وأيوب وغيرهم ، وما عرض لهم ، فصبروا حتى فرج الله عنهم ، وصارت عاقبتهم أحسن عاقبة. فكذلك أنت تصبر ، ويؤول أمرك إلى أحسن مآل ، وتبلغ ما تريد من إقامة دينك وإماتة الضلال. وقيل : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) ، وعظم أمر مخالفتهم لله في أعينهم ، وذكرهم بقصة داود وما عرض له ، وهو قد أوتي النبوة والملك ، فما الظن بكم مع كفركم وعصيانكم؟ انتهى. وهو ملتقط من كلام الزمخشري مع تغيير بعض ألفاظه لا تناسب منصب النبوة. وقيل : أمر بالصبر ، فذكر قصص الأنبياء ليكون برهانا على صحة نبوته. وقيل : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) ، وحافظ على ما كلفت به من مصابرتهم ، وتحمل أذاهم ، واذكر داود وكرامته على الله ، وما عرض له ، وما لقي من عتب الله. (ذَا الْأَيْدِ) : أي ذا القوة في الدين والشرع والصدع بأمر الله والطاعة لله ، وكان مع ذلك قويا في بدنه. والأوّاب : الرجّاع إلى طاعة الله ، قاله مجاهد وابن زيد. وقال السدي : المسبح. ووصفه بأنه أوأب يدل على أن ذا الأيد معناه : القوة في الدين. ويقال : رجل أيد وأيد وذو أد وأياد : كل بمعنى ما يتقوى. و (الْإِشْراقِ) : وقت الإشراق. قال ثعلب : شرقت الشمس ، إذا طلعت ؛ وأشرقت : إذا أضاءت وصفت. وفي الحديث ، أنه عليهالسلام ، صلى صلاة الضحى وقال : «يا أم هانىء ، هذه صلاة الإشراق ، وفي هذين الوقتين كانت صلاة بني إسرائيل». وتقدّم كل الكلام في تسبيح الجبال في قصة داود في سورة الأنبياء ، وأتى بالمضارع باسم الفاعل دلالة على حدوث التسبيح شيئا بعد شيء ، وحالا بعد حال ؛ فكأن السامع محاضر تلك الجبال سمعها تسبح. ومثله قول الأعشى :
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة |
|
إلى ضوء نار في بقاع تحرق |
أي : تحرق شيئا فشيئا. ولو قال محرقة ، لم يدل على هذا المعنى. وقرأ الجمهور : (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) ، بنصبهما ، عطفا على الجبال يسبحن ، عطف مفعول على مفعول ، وحال على حال ، كقولك : ضربت هندا مجردة ، ودعدا لا بسة. وقرأ ابن أبي عبلة ، والجحدري : والطير محشورة ، برفعهما ، مبتدأ وخبر ، أو جاء محشورة باسم المفعول ،