(أَتَدْعُونَ بَعْلاً) : أي أتعبدون بعلا ، وهو علم لصنم لهم ، قاله الضحاك والحسن وابن زيد. قيل : وكان من ذهب ، طوله عشرون ذراعا ، وله أربعة أوجه ، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء ، وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس ، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام ، وبه سميت مدينتهم بعلبك. وقال عكرمة ، وقتادة : البعل : الرب بلغة اليمن. وسمع ابن عباس رجلا ينشد ضالة ، فقال له رجل : أنا بعلها ، فقال ابن عباس : الله أكبر ، أتدعون بعلا؟ ويقال : من بعل هذه الدار ، أي ربها؟ والمعنى على هذا : أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله؟ وقالت فرقة : إن بعلا اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها. وقرىء : أتدعون بعلاء ، بالمد على وزن حمراء ، ويؤنس هذه القراءة قول من قال : إنه اسم امرأة.
وقرأ الكوفيون ، وزيد بن عليّ : (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ) ، بالنصب في الثلاثة بدلا من (أَحْسَنَ) ، أو عطف بيان إن قلنا إن إضافة التفضيل محضة ؛ وباقي السبعة بالرفع ، أي هو الله ؛ أو يكون استئنافا مبتدأ وربكم خبره. وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب ، وإذا قطع رفع. (فَكَذَّبُوهُ) : أي كذبه قومه ، إما في قوله : (اللهَ رَبَّكُمْ) هذه النسب ، أو فكذبوه فيما جاء به من عند الله من الأمر بالتوحيد وترك الصنم والايمان بما جاءت به الرسل. ومحضرون : مجموعون للعذاب. (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : استثناء يدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه ، فهو استثناء متصل من ضمير (فَكَذَّبُوهُ) ، ولا يجوز أن يكون استثناء من (فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) ، لأنهم كانوا يكونون مندرجين فيمن كذب ، ويكونون (عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) ، وذلك لا يمكن ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعا ، إذ يصير المعنى : لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون للعذاب ، ولا مسيس لهؤلاء الممسوسين بالآية التي فيها قصة إلياس هذه. وقرأ زيد بن عليّ ، ونافع ، وابن عامر : على آل ياسين. وزعموا أن آل مفصولة في المصحف ، وياسين اسم لإلياس. وقيل : اسم لأبي إلياس ، لأنه إلياس بن ياسين ، وآل ياسين هو ابنه إلياس. وقيل : ياسين هو اسم محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقرأ باقي السبعة : (عَلى إِلْ ياسِينَ) ، بهمزة مكسورة ، أي الياسين ، جمع المنسوبين إلى الياس معه ، فسلم عليهم. وهذا يدل على أن من قومه من كان اتبعه على الدين ، وكل واحد ممن نسب إليه كأنه إلياس ، فلما جمعت ، خففت ياء النسبة بحذف إحداهما كراهة التضعيف ، فالتقى ساكنان : الياء فيه وحرف العلة الذي للجمع ، فحذفت لالتقائهما ، كما قالوا : الأشعرون والأعجمون