وقرأ الجمهور : (تَرى) ، بفتح التاء والراء ؛ وعبد الله ، والأسود بن يزيد ، وابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش ، ومجاهد ، وحمزة ، والكسائي : بضم التاء وكسر الراء ؛ والضحاك ، والأعمش أيضا بضم التاء وفتح الراء. فالأول من الرأي ، والثاني ماذا ترينيه وما تبديه لأنظر فيه؟ والثالث ما الذي يخيل إليك ويوقع في قلبك؟ وانظر معلقة ، وماذا استفهام. فإن كانت ذا موصولة بمعنى الذي ، فما مبتدأ ، والفعل بعد ذا صلة. وإن كانت ذا مركبة ، ففي موضع نصب بالفعل بعدها. والجملة ، واسم الاستفهام الذي هو معمول للفعل بعده في موضع نصب لأنظر. ولما كان خطاب الأب (يا بُنَيَ) ، على سبيل الترحم ، قال : هو (يا أَبَتِ) ، على سبيل التعظيم والتوقير. (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) : أي ما تؤمره ، حذفه وهو منصوب ، وأصله ما تؤمر به ، فحذف الحرف ، واتصل الضمير منصوبا ، فجاز حذفه لوجود شرائط الحذف فيه. وقال الزمخشري : أو أمرك ، على إضافة المصدر إلى المفعول الذي لم يسم فاعله ، وفي ذلك خلاف ؛ هل يعتقد في المصدر العامل أن يجوز أن يبنى للمفعول ، فيكون ما بعده مفعولا لم يسم فاعله ، أم يكون ذلك؟ (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) : كلام من أوتي الحلم والصبر والامتثال لأمر الله ، والرضا بما أمر الله.
(فَلَمَّا أَسْلَما) : أي لأمر الله ، ويقال : استسلم وسلم بمعناها. وقرأ الجمهور : أسلما. وقرأ عبد الله ، وعلي ، وابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وجعفر بن محمد ، والأعمش ، والثوري : سلما : أي فوضا إليه في قضائه وقدره. وقرىء : استسلما ، ثلاث قراءات. وقال قتادة في أسلما : أسلم هذا ابنه ، وأسلم هذا نفسه ، فجعل أسلما متعديا ، وغيره جعله لازما بمعنى : انقادا لأمر الله وخضعا له. (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) : أي أوقعه على أحد جنبيه في الأرض مباشرا الأمر بصبر وجلد ، وذلك عند الصخرة التي بمنى ؛ وعن الحسن : في الموضع المشرف على مسجد منى ؛ وعن الضحاك : في المنحر الذي ينحر فيه اليوم. وجواب لما محذوف يقدر بعد (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ، أي أجزلنا أجرهما ، قاله بعض البصريين ؛ أو بعد (الرُّؤْيا) ، أي كان ما كان مما تنطبق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما وحمدهما الله على ما أنعم به إلى ألفاظ كثيرة ذكرها الزمخشري على عادته في خطابته ؛ أو قبل (وَتَلَّهُ) تقديره : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ). قال ابن عطية : وهو قول الخليل وسيبويه ، وهو عندهم كقول امرئ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
وقال الكوفيون : الجواب مثبت ، وهو : (وَنادَيْناهُ) على زيادة الواو. وقالت فرقة : هو