النفع فيه أن يكفوا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم أقوال ستة ، والظاهر العموم فكل صادق ينفعه صدقه.
(لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) هذا كأنه جواب سائل ما لهم جزاء على الصدق؟ فقيل : لهم جنات.
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً) إشارة إلى تأييد الديمومية في الجنة.
(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) قيل : بقبول حسناتهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بما آتاهم من الكرامة. وقيل : بطاعتهم ورضوا عنه في الآخرة بثوابه. وقال الترمذي : بصدقهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بوفاء حقهم. وقيل : في الدنيا ورضوا عنه في الآخرة. وقال أبو عبد الله الرازي : في قوله (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) هو إشارة إلى التعظيم هذا على ظاهر قول المتكلمين ، وأما عند أصحاب الأرواح المشرقة بأنوار جلال الله تعالى فتحت قوله : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) أسرار عجيبة لا تسمح الأقلام بمثلها جعلنا الله من أهلها ؛ انتهى. وهو كلام عجيب شبيه بكلام أهل الفلسفة والتصوّف.
(ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ذلك إشارة إلى ما تقدم من كينونة الجنة لهم على التأييد وإلى رضوان الله عنهم ، لأن الجنة بما فيها كالعدم بالنسبة إلى رضوان الله وثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يطلع الله على أهل الجنة فيقول : يا أهل الجنة هل رضيتم؟ فيقولون : يا ربنا وكيف لا نرضى وقد بعدتنا عن نارك وأدخلتنا جنتك ، فيقول الله تعالى : ولكم عندي أفضل من ذلك فيقولون : وما أفضل من ذلك؟ فيقول الله عزوجل : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعدها أبدا».
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لما ادّعت النصارى في عيسى وأمه الألوهية اقتضت الدعوى أن يكونا مالكين قادرين فردّ الله عليهم. قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون مما يقال يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون مقطوعا من ذلك مخاطبا به محمدا صلىاللهعليهوسلم وأمّته ؛ انتهى. وقيل : هذا جواب سائل من يعطيهم (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فقيل الذي له ملك السموات والأرض.
وقال الزمخشري (فإن قلت) : ما في السموات والأرض العقلاء وغيرهم ، فهل غلب العقلاء فقيل ومن فيهنّ ، (قلت) : ما تتناول الأجناس كلها تناولا عامّا ألا تراك تقول : إذا رأيت شبحا من بعيد ما هو قبل أن تعرف أعاقل هو أم غير عاقل؟ فكان أولى بإرادة العموم ؛