والخوضة بفتح الخاء اللؤلؤة ، واختاض بمعنى خاض وتخوض ، تكلف الخوض. الاستحواذ : الاستيلاء والتغلب قاله : أبو عبيدة والزجاج. ويقال : حاذ يحوذ حوذا وأحاذ ، بمعنى مثل حاذ وأحاذ. وشدت هذه الكلمة فصحت عينها في النقال ، قاس عليها أبو زيد الأنصاري.
(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) سبب نزولها : أنّ قوما من الصحابة رضياللهعنهم سألوا عن أمر النساء وأحكامهنّ في المواريث وغير ذلك. وأما مناسبتها فكذلك على تربيع العرب في كلامها أنها تكون في أمر ثم ، تخرج منه إلى شيء ، ثم تعود إلى ما كانت فيه أولا. وهكذا كتاب الله يبين فيه أحكام تكليفه ، ثم يعقب بالوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، ثم يعقب ذلك بذكر المخالفين المعاندين الذين لا يتبعون تلك الأحكام ، ثم بما يدل على كبرياء الله تعالى وجلاله ، ثم يعاد لتبيين ما تعلق بتلك الأحكام السابقة. وقد عرض هنا في هذه السورة أن بدأ بأحكام النساء والمواريث ، وذكر اليتامى ، ثم ثانيا بذكر شيء من ذلك في هذه الآية ، ثم أخيرا بذكر شيء من المواريث أيضا. ولما كانت النساء مطرحا أمرهنّ عند العرب في الميراث وغيره ، وكذلك اليتامى أكد الحديث فيهنّ مرارا ليرجعوا عن أحكام الجاهلية. والاستفتاء طلب الإفتاء ، وأفتاه إفتاء وفتيا وفتوى ، وأفتيت فلانا في رؤياه عبرتها له. ومعنى الإفتاء إظهار المشكل على السائل. وأصله من الفتى وهو الشاب الذي قوي وكمل ، فالمعنى : كأنه بيان ما أشكل فيثبت ويقوى. والاستفتاء ليس في ذوات النساء ، وإنما هو عن شيء من أحكامهن ، ولم يبين فهو مجمل. ومعنى يفتيكم فيهن : يبين لكم حال ما سألتم عنه وحكمه.
(وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) ذكروا في موضع ما من الإعراب : الرفع ، والنصب ، والجر ، فالرفع ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون معطوفا على اسم الله أي : الله يفتيكم ، والمتلو في الكتاب في معنى اليتامى. قال الزمخشري : يعني قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) (١) وهو قوله أعجبني زيد وكرمه انتهى. والثاني : أن يكون معطوفا على الضمير المستكن في يفتيكم ، وحسن الفصل بينهما بالمفعول والجار والمجرور. الثالث : أن يكون ما يتلى مبتدأ ، وفي الكتاب خبره على أنها جملة معترضة.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٣.