وانتصابه على الظرف وتقديره (قالَ اللهُ هذا) القصص أو الخبر (يَوْمُ يَنْفَعُ) معنى يزيل وصف الآية وبهاء اللفظ والمعنى ، والوجه الثاني أن يكون ظرفا خبر (هذا) و (هذا) مرفوع على الابتداء والتقدير ، هذا الذي ذكرناه من كلام عيسى واقع يوم ينفع ويكون هذا يوم ينفع جملة محكية يقال. قال الزمخشري : وقرأ الأعمش يوما ينفع بالتنوين كقوله (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي) (١). وقال ابن عطية : وقرأ الحسن بن عياش الشامي (هذا يَوْمُ) بالرفع والتنوين. وقرأ الجمهور (صِدْقُهُمْ) بالرفع فاعل ينفع وقرئ بالنصب ، وخرج على أنه مفعول له أي لصدقهم أو على إسقاط حرف الجر أي بصدقهم أو مصدر مؤكد ، أي الذين يصدقون صدقهم أو مفعول به أي يصدقون الصدق كما تقول : صدقته القتال والمعنى يحققون الصدق.
قال الزمخشري (فإن قلت) : إن أريد (صِدْقُهُمْ) في الآخرة فليست بدار عمل ، وإن أريد في الدنيا فليس بمطابق لما ورد فيه ، لأنه في معنى الشهادة لعيسى عليهالسلام بالصدق فيما يجيب به يوم القيامة.
(قلت) : معناه الصدق المستمر بالصادقين في دنياهم وآخرتهم انتهى ، وهذا بناء على قول من قال : إن هذا القول يكون من الله تعالى في الآخرة وقد اتبع الزمخشري الزجاج في قوله : هذا حقيقته الحكاية ومعنى (يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) الذي كان في الدنيا ينفعهم في القيامة ، لأن الآخرة ليست بدار عمل ولا ينفع أحدا فيها ما قال وإن حسن ، ولو صدق الكافر وأقرّ بما عمل فقال : كفرت وأسأت ما نفعه ، وإنما الصادق الذي ينفعه صدقه الذي كان فيه في الدنيا والآخرة ؛ انتهى. والظاهر أنه ابتداء كلام من الله تعالى. وقال السدي : هذا فصل من كلام عيسى عليهالسلام أي : يقول عيسى يوم القيامة : قال الله تعالى : واختلف في هذا اليوم ، فقيل : يوم القيامة كما ذكرناه وخص بالذكر لأنه يوم الجزاء الذي فيه تجنى ثمرات الصدق الدائمة الكاملة ، وإلا فالصدق ينفع في كل يوم وكل وقت. وقيل : هو يوم من أيام الدنيا فإن العمل لا ينفع إلا إذا كان في الدنيا والصادقون هنا النبيون وصدقهم تبليغهم ، أو المؤمنون وصدقهم إخلاصهم في إيمانهم أو صدق عهودهم أو صدقهم في العمل لله تعالى ، أو صدقهم تركهم الكذب على الله وعلى رسله أو صدقهم في الآخرة في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ أو شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم ، ويكون وجه
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٤٢.