الدينية (١).
وقد بلغت بها الاُمّة الإسلامية في العصور السالفة المزدهرة ، الذروة من المجد والعظمة ، فأصبحت ساسة البلاد وحكّام العباد.
أو ليس الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو قائل تلكم الكلم الدرية التالية ، القاضية على كل نعرة طائفية ، والانتماء إلى فئة خاصة والاتجاه إلى نجاح شعب خاص ، فكيف ترمى شريعته بالطائفية وانقاذ جماعة معينة دون غيرها ؟
١. قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أيّها الناس أنّ الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها ألا بآبائها أنّكم من آدم وآدم من طين ، ألا أنّ خير عباد الله ، عبد إتقاه » (٢).
٢. « ألا أنّ العربية ليست بأب والد ، ولكنّها لسان ناطق ، فمن قصر عمله لم يبلغ به حسبه » (٣).
٣. « انّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا ، مثل أسنان المشط ، لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لأحمر على أسود إلاّ بالتقوى » (٤).
٤. « إنّما الناس رجلان : مؤمن تقي ، كريم على الله; وفاجر شقي ، هيّن على الله » (٥).
وللدكتور حسن إبراهيم حسن هنا كلمة قيّمة ، يقول :
« ينكر بعض المؤرخين أنّ الإسلام قد قصد به مؤسسه في بادئ الأمر أن يكون ديناً عالمياً برغم هذه الآيات البيّنات ومن بينهم « وليم ميور » إذ يقول :
« إنّ فكرة عموم الرسالة جاءت فيما بعد ، وأنّ هذه الفكرة على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تؤيدها ، لم يفكر فيها محمد نفسه ، وعلى فرض أنّه فكّر فيها ،
__________________
(١) كل ذلك دليل على عالمية تشريعه ، وسعة نطاق رسالته ، ويجد الباحث في الذكر الحكيم والأحاديث الإسلامية دلائل واضحة على كل واحدة من هذه الوحدات ، فلا نقوم بذكرها لئلاّ يطول بنا المقام وقد بحثنا عنها في الجزء الثاني.
(٢ و ٣ و ٤ و ٥) راجع للوقوف على مصادر هذه الكلمات : روضة الكافي ، ص ٢٤٨ ، سيرة ابن هشام ج ٢ ، ص ٤١٢ ، بحار الأنوار ، ج ٢١ ، ص ١٠٥ ، والشرح الحديدي ، ج ١٧ ، ص ٢٨١ ، وقد أوردنا شطراً آخر من هذه الأحاديث في الجزء الثاني.