مصدقاً لمن تقدم عليه وأتى في المقام بتعبير غير مألوف ولا مأنوس.
نحن نسأله : انّ تصديق من مضى من النبيين ، ليس صفة خاصة له صلىاللهعليهوآلهوسلم فانّ المسيح كان أيضاً مصدقاً للماضين منهم ، وما معهم من الكتب والصحف ، كما حكى عنه سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصف ـ ٦ ) ، وعند ذاك فلماذا عرّفه سبحانه بوصف مشترك بين الأنبياء جميعاً.
ماذا يجينا المبدع إذا سألناه ، وقلنا له : إنّ تشبيه الرسول الأعظم بالخاتم في التصديق وليد الأحلام الباطلة ، وشتان بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين الخاتم ، حتى في نفس وجه الشبه الذي اختلقه المبدع ، فانّ الخاتم ليس هو نفسه مصدقاً ، وإنّما هو آلة التصديق وما يصدق به ، وإنّما المصدق انّما هو كاتب الصحيفة ، وهذا بخلاف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه هو المصدق نفسه.
لا أدري ماذا يجيب المشكك عن هذه الأسئلة ؟
نعم اختلقت هذا التشكيك بعض الأقلام المستأجرة ، لتأييد أقاويل تلك الفئة وتسويل أباطيلهم ، والكاتب أعرف ببطلانها ، وقد عرفته الاُمّة ، وعرفت نواياه ، وما تخلّق به من روحيات ونفسيات.
إنّ منصب النبوّة غير الرسالة ، وما هو المختوم إنّما هو الأوّل دون الثاني فباب النبوّة وإن كان مختوماً بنص الآية ، لكن باب الرسالة مفتوح على مصراعيه في وجه الاُمّة ، ولم يوصد ولن يوصد أبداً.
واجلاء الحق في هذا المقام يتوقف على الوقوف على ما هو المقصود من النبي والرسول في الكتاب العزيز ، وقد عقدنا لبيان الفرق بين النبي والرسول فصلاً خاصاً (١)
__________________
(١) سيوافيك هذا الفصل في الجزء الرابع من هذه الموسوعة.