كما قال النقطة الاولى من قبل بعينه يقوله ، من يأتي من بعد » (١) ويدعو إلى نبوّته ورسالته تارة اُخرى ، وأنّه نبي كسائر الأنبياء ، وأنّ باب النبوّة مفتوح إلى يوم القيامة ، لم يوصد بعد نبي الإسلام ، ثم إنّ لهؤلاء الأقوام كُتّاباً مستأجرين استأجرهم الاستعمار لنصرة هذا الحزب المختلق بإسم الدين وطابع المذهب ، وقد جاءوا بشبهات تافهة في مسألة الخاتمية ، فدونك هذه الشبهات مع أجوبتها :
كيف يدّعي المسلمون انغلاق باب النبوّة والرسالة مع أنّ صريح كتابهم قاض بانفتاح بابه إلى يوم القيامة ، وذلك قوله سبحانه :
( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( الأعراف ـ ٣٥ ).
قال : فهذا الخطاب الوارد في القرآن الكريم ، النازل على قلب سيد المرسلين ينبئ عن مجيء الرسل بعد نبي الإسلام ، ويدل بظاهر قوله : ( يَأْتِيَنَّكُمْ ) الذي هو بصيغة المضارع ، على أنّ باب النبوّة لم يوصد وأنّه مفتوح بعد ، ومعه كيف يدعي المسلمون أنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين وآخرهم وكتابهم يشهد على خلافه (٢).
هذه الشبهة الواهية حصلت من الجمود على نفس الآية والغض عمّا تقدمها من الآيات فإنّك إذا لاحظت سياقها تذعن بأنّها ليست إنشاء خطاب في ظرف نزول القرآن بل حكاية لخطاب خاطب به سبحانه بني آدم في بدء الخلقة ، ولقد حكاه في القرآن بعد لأي من الدهر ، فكما أنّه سبحانه يحكي فيه الخطابات الدائرة بين رسله
__________________
(١) بديع ص ١٥٤.
(٢) الفرائد ص ٣١٤ ط مصر ١٣١٥ ه.