ولا كتابتها ، إلاّ أنّ ذلك الاطلاق لا يثبت كون الاُمّي موضوعاً على من لا يعرف اللغة السامية كما حسبه الدكتور. بل لمّا كان محور البحث في الآية أهل الكتاب وانقسامهم إلى طائفة عالمة بما في كتابهم ، وطائفة جاهلة به ، اُمّية لا تعلم من الكتاب شيئاً ، صار ذلك كالقرينة على أنّ المقصود من الاُمّيين فيها ، هي الطائفة الجاهلة بالمتون السامية واللغة التي اُنزلت بها كتبهم.
وهذا الوجه لا يشمل « الاُمّي » في غير هذه الآية ولا على الموارد العارية عن هذه القرينة ولا يثبت كونه موضوعاً لمن يكون جاهلاً بالمتون السامية ، كما ادعاه القائل.
إذا وقفت على ما ذكرناه وقوف المستشف للحقيقة ، لأذعنت أنّه ليس للاُمّي إلاّ مفاد واحد وهو الباقي على الحالة التي ولد عليها. ولو اطلق في مورد أو موارد على من لا يعرف المتون السامية ، فلأجل قرينة دلّت عليه ، فهو من باب تطبيق الكلي على فرده الخاص لا أنّه موضوع على ذلك الخاص.
لقد بان الحق بأجلى مظاهره بحيث لم تبق لمجادل شبهة في دلالة الذكر الحكيم على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان اُمّياً لا يقرأ ولا يكتب قبل أن يختاره الله تعالى للتبشير والانذار ، وظهر ما هو الحق الصراح في معنى الاُمّي الذي وصف الله به نبيّه الأكرم ، نعم روي عن بعض أئمّة أهل البيت في تفسير الاُمّي ما يتراءى منه خلاف ما أوضحناه وحققناه ودونك ما روي عنهم في هذا الباب (١).
١. أخرج الصدوق في علل الشرائع ومعاني الأخبار عن أبيه عن سعد (٢) عن ابن
__________________
(١) سوف نرجع في آخر البحث إلى تحقيق القول في الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت وغيرهم في المقام والغرض هنا عرض ما يرجع إلى خصوص تفسير لفظ الاُمّي فقط.
(٢) سعد بن عبد الله القمي ترجمه شيخ الطائفة في باب أصحاب العسكري عليهالسلام.