مجتمع دون آخر ؟
تفيد في إقليم دون إقليم ؟ تبلغ بمجتمع خاص إلى قمّة الرقي والحضارة ، وتسف بجماعة
اُخرى إلى هوة الضلال والجهل ؟!
ليت شعري ماذا يريد القائل من كلمته
القارصة ، أو فريته الشانئة ؟ : « الإسلام دين طائفي ، أو مبدأ إصلاح إقليمي ، لا
يصلح لعامة المجتمعات ، ولا يصلح لعامة القارات ، ولا تسعد به الإنسانية على
اختلاف شعوبها وطبقاتها ».
ليت شعري ماذا يريد منها ؟ أيريد معارفه
العليا في باب الصانع وصفاته ، وما جاء في ذلك الباب من الحقائق الغيبية ، والكنوز
العلمية ، التي لم تحم حولها فكرة انسان قبله ، ولم توجد في زبر الاوّلين مثلها ،
أو شبهها.
فلو أراد ذلك ، فتلك فرية بيّنة ، إذ
الإسلام قد أتى بفلسفة صحيحة وعرفان رصين وتوحيد خالص ، فيه دواء المجتمع البشري
في الأقطار كلها.
ترى ويرى كل من له إلمام بالإسلام أنّه
كافح كل لون من ألوان الشرك ، كافح عبدة الأصنام والأجرام السماوية ، كافح كل
تعلّق بغيره سبحانه ، وتخضع لشيء دون الخالق ، وأنقذ المجتمع البشري من مخالب
الشرك ، ومصائد الضلال ، ونهاه عن عبادة حجر لا يعقل أو شجر لا يفهم ، أو حيوان لا
يدفع عن نفسه ، أو انسان محتاج مثله ، أو غيرها من الأرباب الكاذبة ، فأعاد
للانسان كرامته وحريته ومكانته المرموقة سواء في ذلك انسان الجزيرة أم غيره.
أيحسب هذا القائل أنّ ذلك التوحيد ،
وهذا العرفان مختصان بقوم دون قوم كيف ؟ فإذا كان النبي لا يستهدف سوى الواقع ولا
يتبنّى غيره ، وبعبارة صحيحة : إذا كان لا يوحى إليه سوى الحقيقة المجردة عن شوب
كذب ، فلا وجه لأن يختص باُمّة دون اُمّة.
ودونك سورة الحديد والآيات التي وقعت في
صدرها ، فاقرأها بإمعان وتدبّر فهل يعلق الشك بضميرك الحر ، بأنّها تعاليم ومعارف
تختص بمنطقة خاصة ولا تصلح للتطبيق في مناطق اُخرى ، إلى غير ذلك من الآيات
الواردة في العقائد والمعارف.
أم يريد أنّ أحكام الإسلام وتشريعاته في
العبادات والمعاملات والأخلاق