والانجيل ، لوجب أن تنعكس على كتابه ظلال مصادر علمه ، ومآخذ نقله ، ونحن نرى مخالفة القرآن لكتب العهدين في جميع النواحي عامة وفي ناحية القصص خاصة.
إنّ القرآن اشترك في بعض القصص مع التوراة الرائجة التي اتفق اليهود والنصارى على أنّها كتاب الله المنزل على رسوله « موسى » عليهالسلام فأوردت التوراة الدارجة تلك القصص مملوءة بالخرافات وجاء في بيانها بجمل تشابه كلام المبتلى بالهذيان.
غير أنّ القرآن الكريم لما كان كلام الله القدوس ، ووحيه ، قد نقل كثيراً من قصص الاُمم وتواريخها ، بأبلغ العبارات وأحسنها ، وأنصع الجمل وأسدّها نزيهة عمّا يمس كرامة الله سبحانه وكرامة أنبيائه ورسله ، ولو صح ما ذكر من اختلاق النبي الأكرم للقرآن من جانب نفسه يجب أن يتأثر بمصادر نقلها ، وامتنع حسب العادة أن لا يذكر شيئاً من محتوياتها مع ما فيها من القعقعة التاريخية ، والناقل لقصص العهدين يستحيل أن لا ينعكس على أفكاره وكلامه ، ما يجده فيهما.
يجب على علماء المسلمين ولاسيما الاخصائيين منهم في علم السير والتاريخ القيام بتأليف موسوعة كبيرة (١) تتضمن عرض ما جاء في العهدين من القصص والحوادث على ما جاء في القرآن ثمّ القضاء الصحيح بين النقلين حتى يتبيّن أنّ ما يحتوي عليه القرآن من سمّو المعارف ورصانة التعليم ، لا يمكن أن يعزى إلاّ إلى الوحي السماوي ، وأنّ ما تشتمل عليه كتب العهدين من قصص الخرافة وأباطيل الأحاديث لا تلتئم مع البرهان ، ولا تتمشّى مع المنطق الصحيح ، وأنّ هذه الكتب قد دست وزورت
__________________
(١) نعم ، قد قام لفيف من الفطاحل الأعلام فألّفوا في هذا المضمار كتباً ورسائل تسد جوع القارئ بعض السد فعالجوا بعض النواحي من هذه الاطروحة شكر الله مساعيهم ، فراجع إلى « الهدى إلى دين المصطفى » و « الرحلة المدرسية » للعلامة الحجة البلاغي و « نفحات الاعجاز » و « البيان في تفسير القرآن » لآية الله الخوئي و « الميزان في تفسير القرآن » ج ٣ تأليف المفكر الإسلامي الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي ، ثمّ حكّم عقلك ووجدانك هل ترى أنّ النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ معارف كتابه واقتبس معارف قرآنه وقصصه من هذه الكتب.