دروسه ويميره من
العرفان الالهي ، فعلّمه علم المنايا والبلايا ، أي علم الآجال وعلم الحوادث
والوقائع التي يبتلى بها الناس ، حتى أخبره أنّه سيصلب على باب عمرو بن حريث.
لم يكن ميثم فريداً من بين أصحاب الإمام
وحوارييه ، وإن كان أحد عظمائهم إذ أنّه قد أودع هذا العلم عند من كان يأتمنه عليه
من أفذاذ أصحابه الآخرين ، نظراء رشيد الهجري واُويس القرني ، وعمار بن ياسر وعمرو
بن الحمق الخزاعي وكميل بن زياد ومن يشابههم في الإيمان الشامخ.
ولولا خوف الإطالة والخروج عن الغاية ،
لنقلنا كثير ممّا دار بينهم من المحادثات حول البلايا والمنايا.
فهذا ميثم نفسه ، وقد قيد على خشبة
الصلب يقول للناس رافعاً صوته ، أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي
بن أبي طالب عليهالسلام قبل أن اُقتل
فوالله لأخبرنّكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة ، وما يكون من الفتن .
لم يكن علي عليهالسلام نسيج وحده في تربية هؤلاء العظماء
الذين صقلت نفوسهم وتجلّت لهم صور ما في الكون من الحقائق والموجودات ، بل سبقه
سيد الرسل فأدّب أناساً ، نهجوا في السير على هداه ، واتبعوه في أمره ونهيه ،
وساروا في الطريق الذي رسمه لهم ، فكانوا مثلاً أعلى للفضيلة وكرم الأخلاق وخزنة
للعلم والأسرار ، فشاهدوا الخليقة وما فيها من حقائق غامضة ، ورأوا ملكوت السماوات
والأرض ، وعاينوا الحقائق العلوية والعوالم الروحية ، من قبل أن يخرجوا من الدنيا.
روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : استقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حارثة ابن مالك بن النعمان الأنصاري ،
فقال له : كيف أنت يا حارثة بن مالك ؟ فقال : يا رسول الله مؤمن حقاً ، فقال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لكل شيء
حقيقة ، فما حقيقة قولك ؟ فقال :
__________________