عن صالح بن سنان بن مالك يعني عن أبيه أنه قال لأبي الأعور : إن الأشتر يدعوك إلى مبارزته ، فأسكت عنه طويلا ، ثم قال : إن خفة الأشتر (١) وسوء رأيه هو الذي حمله على إجلاء عمال عثمان من العراق ، وافترائه عليه يقبح محاسنه ، ويجهل حقه ، ويظهر عداوته. ومن خفته أنه سار إلى عثمان في داره وقراره حتى أعان على قتله فيمن قتله ، وأصبح مبتغى (٢) بدمه ، لا حاجة لنا في مبارزته ، قال : فقلت له : قد تكلمت فاسمع مني حتى أجيبك على ما تكلمت به. فقال : لا حاجة لي في جوابك ، فاذهب عني ، وصاح بأصحابه ، فانصرفت عنه ، ولم يسمع مني [ولو سمع مني] لأخبرته بعذر صاحبي وحجته ، فرجعت إلى الأشتر فأخبرته أنه أبي ، فقال الأشتر : لنفسه نظر ، فتواقفنا حتى حجز بيننا وبينهم الليل ، ثم بتنا متحارسين ، فلما أصبحنا نظرنا فإذا هم قد انصرفوا ، وصبحنا على غدوة ، فمضى نحو معاوية ، فإذا أبو الأعور قد سبق إلى سهولة الأرض ، وسعة المنزل وشريعة الماء ، وكان أبو الأعور على مقدمة معاوية.
أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنّا ، قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك ، نا رشدين بن سعد ، حدّثني عمرو بن الحارث ، عن بكر بن سوادة أن أبا (٣) عبد الرّحمن حدّثه.
أن أبا الأعور السّلمي كان جالسا في مجلس فقال رجل : والله ما خلق الله شيئا أحبّ إليّ من الموت ، فقال أبو الأعور السّلمي : لأن أكون مثلك أحبّ إليّ من حمر النّعم ، ولكني والله أرجو أن أموت قبل أن أرى ثلاثا : أن أنصح فتردّ (٤) نصيحتي ، وأرى الغير فلا أستطيع تغييره ، وقبل الهرم.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو (٥) المظفّر القشيري ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنبأ أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى الموصلي ، نا أبو بكر ـ وقال ابن المقرئ : أبو كريب ،
__________________
(١) في «ز» : إن الأشتر خفته ، والمثبت عن وقعة صفين.
(٢) في «ز» : متبعا ، والمثبت عن وقعة صفين.
(٣) «أبا» كتبت فوق الكلام بين السطرين في «ز».
(٤) الأصل : ورد ، وفي «ز» : فترد إليّ نصيحتي.
(٥) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.