رجل رغب عن آلهة قومه ، ودعا إلى غيرها ، قلت : صاحبي الذي أريد ، فشددت على راحلتي ، فجئت منزلي الذي أنزل فيه ، فسألت عنه فوجدته مستخفيا ، ووجدت قريش عليه حرّاصا (١) ، فتلطفت له حتى دخلت عليه ، ثم سلمت عليه ، ثم قلت : ما أنت؟ قال : «نبي» (٢) ، قلت : وما نبي؟ قال : «رسول الله» ، قلت : من أرسلك؟ قال : «الله» ، قلت : بما ذا أرسلك؟ قال : «أن توصل الأرحام ، وتحقن الدماء ، وتأمن السّبل ، وتكسر الأوثان ، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئا» قلت : نعم ما أرسلك به ، أشهد أنّي قد آمنت بك وصدّقت ، أفأمكث معك أم تأمرني أرجع إلى أهلي؟ قال : «قد ترى (٣) كراهية الناس لما جئت به ، فامكث في أهلك ، فإذا سمعت بي خرجت مخرجا فاتبعني».
فلما سمعت به خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه ، قلت : يا نبي الله أتعرفني؟
قال : «نعم ، أنت السّلمي الذي جئتني بمكة ، فقلت لي كذا وكذا ، وقلت لك كذا وكذا» فاغتنمت ذلك المجلس وعلمت أنه لا يكون الدهر أفرغ منه في ذلك المجلس ، فقلت : يا رسول الله أي الساعات أسمع للدعاء؟ قال : «جوف الليل الآخر ، والصلاة مشهودة حتى تطلع الشمس ، فإذا رأيتها خرجت حمراء كالحجفة فأقصر عنها فإنّها تخرج من قرني شيطان ، ويصلّي لها الكفار ، فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فصلّ فإنّ الصلاة مشهودة متقبلة حتى يستوي الرمح بالظلّ ، فإذا استوى الرمح بالظل فأقصر عنها فإنها تسجر أبواب جهنم ، فإذا فاء الفيء فصلّ فإنّ الصلاة مشهودة متقبلة حتى تغرب الشمس ، فإذا رأيتها حمراء كالحجفة فأقصر عنها ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ، ويصلّي لها الكفار ، ثم أخذ في الوضوء فقال : إذا توضّأت فغسلت يديك خرجت خطايا يديك من أطراف أناملك مع الماء ، فإذا غسلت وجهك وتمضمضت واستنثرت خرجت خطايا وجهك وفيك مع الماء ، فإذا مسحت برأسك وأذنيك خرجت خطايا رأسك وأذنيك من أطراف شعرك مع الماء ، فإذا غسلت رجليك خرجت خطايا رجليك وأنا ملك مع الماء ، فصلّيت ، فحمدت ربك بما هو أهله انصرفت من صلاتك كيوم ولدتك أمّك من الخطايا» [١٠٠٤١].
أخبرناه أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل وم ، وفي دلائل أبي نعيم : جرآء.
(٢) في دلائل أبي نعيم : نبي الله ، قلت : وما نبي الله؟.
(٣) الأصل وم : «تراءى» والمثبت عن دلائل النبوة.