الطرق ، فإذا لم يبق (١) واحد ، واجتمع الناس فابدأ فصلّ علي ، ثم صلّ العيد ، فإذا وضعتني في لحدي فأهيلوا عليّ التراب ، فإنّ شقي الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من شقّي الأيسر ، فإذا سويته علي فاجلسوا عند قبري قدر نحر جزور ، وتقطيعها أستأنس بكم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطّبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال : وحدّثني إبراهيم ـ وهو ابن راشد الآدمي ـ نا أبو ربيعة ، نا يوسف بن عبدة ، قال : سمعته يقول : أنبأنا البناني قال (٢) :
كان عمرو بن العاص على مصر ، فاشتكى وثقل ، فقال لصاحب شرطته : أدخل عليّ ناسا من وجوه أصحابك آمرهم بأمر ، فلما دخلوا عليه نظر إليهم ثم قال : إنّها قد بلغت هذه الحال ، أردعوها (٣) عني ، قال : ومثلك أيها الأمير يقول هذا؟ هذا أمر الله الذي لا مردّ له ، قال : إي والله قد عرفت أنه قدير ، ولكني أحببت أن تتّعظوا ، لا إله إلّا الله ، فلم يزل يقولها حتى مات.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين (٤) بن فهم ، نا (٥) محمّد بن سعد (٦) ، أنا روح بن عبّاد (٧) ، نا عوف ، عن الحسن ، قال :
بلغني أن عمرو بن العاص لما كان عند الموت دعا حرسه ، فقال : أيّ صاحب كنت لكم؟ قالوا : كنت لنا صاحب صدق ، تكرمنا وتعطينا وتفعل وتفعل ، قال : فإنّي إنّما كنت أفعل ذلك لتمنعوني من الموت ، [وإن الموت](٨) ها هو ذا قد نزل بي فأغنوه عنّي.
فنظر القوم بعضهم إلى بعض ، فقالوا : والله ما كنا نحسبك تكلم بالعوراء (٩) يا أبا عبد الله ، قد علمت أنّا لا نغني عنك من الموت شيئا ، فقال : أما والله لقد قلتها وإنّي لأعلم أنكم لا تغنون عني من الموت شيئا ، ولكن والله لأن أكون لم أتّخذ منكم رجلا قط يمنعني من
__________________
(١) الأصل وم : يبقى.
(٢) من طريق ثابت البناني في سير أعلام النبلاء ٣ / ٧٦.
(٣) سير أعلام النبلاء : ردوها.
(٤) الأصل : الحسن ، تصحيف ، والسند معروف.
(٥) من قوله : أنا أبو محمد إلى هنا سقط من م.
(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٩.
(٧) في ابن سعد : روح بن عبادة.
(٨) زيادة عن م وابن سعد.
(٩) بالأصل : بالقدرا ، وغير واضحة في م ، والمثبت عن ابن سعد.