فقال ابن عبّاس : هيهات ، صار ابن أخيك أخاك ولا شاء إن بكي إلّا بكيت ، كيف يؤمر برحيل من هو مقيم ، فقال عمرو : علي حينها من حين ابن بضع وثمانين ، يقنطني (١) من رحمة ربي قال : ثم رفع يديه ، فقال : اللهم إن ابن عبّاس يقنطني من رحمتك ، فخذ مني حتى ترضى ، قال : هيهات أنا عبد الله يأخذ جديدا ويعطي خلقا ، قال : من يأمنك يا ابن عبّاس ما أرسلت كلمة إلّا أرسلت نقيضها.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا عبد الوهاب بن محمّد ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد ، نا أبو بكر القرشي ، نا محمّد بن أبي رجاء القرشي مولى بني هاشم ، نا أبو سعيد بن يونس العطاردي ، أنا أبو عبد الملك عمرو بن عبد الله المديني ، عن عمرو (٢) بن عيسى قال :
قدم معاوية المدينة بمال يريد أن يقسمه بها ، فسأل عن الحسن بن علي ، فأخبر أنه شخص (٣) إلى مكة ، فأدرك المال ومضى إلى مكة ، فخرج إليه الحسن متلقيا ، فقال : يا أبا محمّد إنّي قدمت المدينة ومعي مال أريد أن أقسمه بها ، فلمّا بلغني شخوصك أركبته وها هو ذا فراقيه (٤) رأيك ، قال : وصل الله قرابتك يا أمير المؤمنين وأحسن جزاك ، قال : لكن عمرو لا يقول لك مثل هذه المقالة ، ولا يعرض عليك مثل هذا الأمر لعداوته إياك وإياك من قبل ، وأيم الله وددت أن قد ناله ظفر من أظافيرك ، قال : وما عمرو يا أمير المؤمنين ، وهو الأبتر شانئ محمّد وآل محمّد ، قال : فبلغ ذلك عمرا فكتب إلى معاوية :
معاوي إنّا لم نبايعك فلتة |
|
وما ذاك منا ما يسرّ كما علن |
|
||
أتطمع فينا من أراق دماءه |
|
ولو لاك لم يلعب بأعراضنا حسن |
على انه أجرى لؤي ابن غالب |
|
على شتمها قدما وأحياه للفتن |
وأقولها والناس يمشون حوله |
|
أنا ابن رسول الله معتقد المنن |
وأعظم بها من فتنة هاشمية |
|
يسير بها أهل العراق إلى اليمن |
فأقسم بالليث الذي نصبت له |
|
قريش لئن طولت للحسن الوسن |
لينبعثن عليك يوما عصبصبا |
|
يشب العذارى إذ يعضل باللبن |
ألا فأعط المرء ما هو أهله |
|
ولا تظلمنه انه ابن من ومن |
__________________
(١) في م : يعطيني.
(٢) في م : عمر بن عيسى.
(٣) في م : يخص.
(٤) كذا رسمها بالأصل وم.