دخل يوما على المتوكّل فقام عليهالسلام يصلّي في الدار ، فأتاه بعض المخالفين فوقف بحياله فقال : إلى كم هذا الرياء ، فأسرع الصلاة وسلّم ثمّ التفت إليه فقال : إن كنت كاذبا فيسحقك الله ، فوقع الرجل ميّتا فسار حديثه في الدار.
٤٢ ـ علمه بما يكون في مجيء أخيه موسى المبرقع (١) : وروى الكليني في الكافي بسنده عن يعقوب بن ياسر قال : كان المتوكّل يقول : ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا ، أبى أن يشرب معي أو ينادمني أو أجد منه فرصة في هذا. فقالوا له : فإن لم تجد منه فرصة فهذا أخوه موسى قصّاف عزّاف يأكل ويشرب ويتعشّق ، فقال : ابعثوا إليه فجيئوا به حتّى نموّه به على الناس ونقول : ابن الرضا ، فكتب إليه وأشخصه مكرّما وتلقّاه جميع بني هاشم والقوّاد والناس على أنّه إذا وافى أقطعه قطيعة وبنى له فيها وحوّل الخمّارين والقيان إليه ووصله وبرّه وجعل له منزلا سريا حتّى يزوره هو فيه ، فلمّا وافى موسى تلقّاه أبو الحسن في قنطرة وصيف وهو موضع يلتقي فيه القادمون ، فسلّم عليه ووفّى حقّه ثمّ قال له : إنّ هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك فلا تقرّ له إنّك شربت نبيذا قطّ. فقال له موسى : فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال : ولا تضع لقدرك ولا تفعل فإنّما أراد هتكك ، فأبى عليه ، فكرّر عليه ، فلمّا رأى أنّه لا يجيب. قال : أمّا إنّ هذا مجلس لا تجتمع أنت
__________________
(١) أقول : سيأتي في ترجمة موسى المبرقع تضعيف هذا الحديث ، وكان موسى مشكورا مقبولا. و «أعياني» أي أعجزني وحيّرني. و «ينادمني» من نادم أي جالسه على الشراب وكان المراد بالمنادمة الحضور في مجلس الشراب ، ويقال : المنادمة مقلوبة من المدامنة لأنّه يدمن شرب الشراب مع نديمه. و «قصاف» من القصف وهو اللهو وعزاف ـ بالعين المهملة والزاء المعجمة ـ أي لعاب بالملاهي كالعود والطنبور ، وعزيف الرعد دويه ، وابن الرضا خبره محذوف أي فعل كذا وكذا ، والناس مبتدأ والظرف خبره ، والجملتان حالية أي الناس كانوا فيه على هذا الاعتقاد. و «القيان» جمع القين وهو العبد ، والقينة بتقديم المثنّاة التحتانيّة على النون هي الجارية المغنية. و «سريا» أي عليا ، وذكره المفيد في الإرشاد أيضا بمثله.