قال زراقة : فو الله ما جاء يوم الثالث حتّى هجم المنتصر ومعه الأتراك منهم بغا ووصيف على المتوكّل فقتلوه وقطّعوه والفتح بن الخاقان جميعا قطعا حتّى لم يعرف أحدهما من الآخر ، وأزال الله نعمته ومملكته ، فلقيت الإمام أبا الحسن بعد ذلك وعرّفته ما جرى بيني والمؤدّب وما قاله ، فقال عليهالسلام : صدق ، إنّه لمّا بلغ منّي الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا وهي أحرز الحصون والسلاح والجنّة وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه.
فقلت : يا سيّدي ، إن رأيت أن تعلّمنيه فعلّمنيه والدعاء سيأتي في محلّه إن شاء الله.
قال الراوندي في الخرايج : روى أبو القاسم البغدادي عن زراقة أنّه قال : أراد المتوكّل أن يمشي عليّ بن محمّد الرضا عليهالسلام ، فقال وزيره : إنّ في هذه شناعة عليك وسوء قالة فلا تفعل ، قال : لا بدّ من هذه ، قال : فإن لم يكن بدّ من هذا فأمر بأن يمشي القوّاد والأشراف كلّهم حتّى لا يظنّ الناس أنّك قصدته بهذا دون غيره ، ففعل ومشى عليهالسلام وكان وقت الصيف فوافى الدهليز وقد عرق ، قال : فلقيته وأجلسته في الدهليز ومسحت وجهه بمنديل وقلت : ابن عمّك لم يقصدك بهذا دون غيرك فلا تجد عليه في قلبك. فقال : إيها عنك (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ).
قال زراقة : وكان عندي معلّم يتشيّع وكنت كثيرا أمازحه بالرافضيّة ، فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء وقلت : تعال يا رافضيّ حتّى أحدّثك بشيء سمعته اليوم من إمامكم. قال لي : وما سمعت؟ فأخبرته بما قال ، فقال : أقول لك فاقبل نصيحتي. قلت : هاتها ، قال : إن كان عليّ بن محمّد قال بما قلت فاحترز واخزن كلّ ما تملكه فإنّ المتوكّل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيّام ، فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يدي فخرج. فلمّا خلوت بنفسي تفكّرت وقلت : ما